يمكننا القول بكل ثقة إن حب الطلاب لمدرستهم هو الذي يصنع الفرق بين نظام تعليمي متقدم ونظام تعليمي متخلف. كل المؤشرات تدل على أن طلابنا يكرهون المدرسة، يؤكد ذلك تغيبهم المتكرر عن المدرسة قبل بدء الإجازات، إضافة إلى ردود أفعالهم المتشنجة التي تظهر بعد الاختبارات النهائية مباشرة، لكن لماذا يكره طلابنا المدرسة أصلاً؟ يكره طلابنا المدرسة لأن بيئتها التعليمية موحشة للطالب، ولأن المدرسة لا تقدم للطالب أي شيء له معنى أو صلة بحياته ومعيشته اليومية، ولأن المعلمين تصوروا أن عقول الطلاب هي مجرد أوعية فارغة فسارعوا إلى ملئها وحشوها بمعلومات ضخمة جافة صدئة لا تفيدهم شيئاً، ولأن المتعة التعليمية غائبة عن مدارسنا، ولأن الطلاب مقهورون في المدرسة على السكون والصمت (السكوت من ذهب)، ولأن المدرسة ممثلة في كوادرها التعليمية والإدارية لا تحترم فردية الطالب وآدميته. مدارسنا تعمل للأسف طبقاً لنموذج المصنع، أي أن الطلاب يعاملون في المدرسة كما لو كانوا قطعاً مصنعية متطابقة تسير على نفس خطوط الإنتاج، وأية قطعة مختلفة يتم استبعادها.
إن غياب الطلاب الجماعي المتكرر عن المدرسة قبل الإجازة مؤشر يدل على قصور نظامنا التعليمي، عجيب أمر مسؤولي تعليمنا، فبدلاً من أن يصلحوا المدرسة من الداخل لتصبح مكاناً تهوي إليه قلوب الطلاب ومحفزاً لهم على التعلم نجدهم يهددون الطلاب بالخصم من الدرجات إن تغيَّبوا عن المدرسة، يا وزارة التربية نستطيع جر الحصان نحو الماء لكننا لا نستطيع جعله يشرب.