هكذا تنال المرأة السعودية - مصونة - ما هو حق لها في الأوان والوقت المناسب، فما كان طموحاً بات حقيقة واقعة دعمها قائد مسيرة الإصلاح التنموي خادم الشريفين حيث أصدر قراره التاريخي الذي يقضي بنيل المرأة السعودية حقها في الانتخاب والترشح في مجلس الشورى والمجالس البلدية التي يبلغ عددها (285) مجلساً يتم انتخاب نصف أعضائها، فما كان أملاً صار حقيقة ممكنة.
هذا القرار التقدمي الصائب نراه ضرورياً لاستكمال ما كنا نستهدفه من تعليم المرأة لتكون عضواً فاعلاً ومشاركاً في خطط التنمية وعمليات التطوير، ولتكون عنصراً إيجابياً في وقاية المجتمع من أي تحديات وعقبات تحول دون المضي في عملية الإصلاح والتطوير المنشود.
فلا غضاضة إذن من نهوض المرأة لتشارك الرجل في حمل مسؤولية البناء والإعمار في حدود إمكاناتها وقدراتها وطبيعتها الأنثوية، وليس ثمة تناقضات تحول دون تحقيق ذلك، كما أنها اثبتت جدارتها فيما سبق من مبادرات، ومنها على سبيل المثال: في إبريل 2009م أبلغت وزارة التجارة والصناعة فروعها ومكاتبها في مدن ومحافظات المملكة بإلغاء شرط الوكيل الشرعي لسيدات الأعمال والسماح للمرأة بإدارة أعمالها التجارية بنفسها، وجاء ذلك بناء على قرار مجلس الوزراء رقم (120) الصادر في تاريخ: 20-4-1425هـ والداعي لزيادة فرص العمل أمام المرأة وفقاً للضوابط الشرعية كما صدر في نفس العام 2009م قرار تعيين سيدة سعودية في منصب نائب وزير التربية والتعليم، وأول في منصب وكيل وزارة للشؤون التعليمية في وزارة والتعليم، ليس هذا وفقط بل الشطر الأميز في مسيرتها أنها جابت ميادين العلم ومجالات العمل بكل عزة وثقة واحترام للذات، وأصبح موقعاً محدداً على خريطة حقوق الإنسان فأصبح لها الحق في إبداء الرأي فيما يتعلق بممارسة أنشطة الحياة تعتمد في ذلك على ما حصلته من علم ومعرفة وثقافة وانتماء وطني مما جعلها أكثر دراية وقدرة على أداء واجبها الوطني، وأكثر وعياً بموجبات التحول في حياتها نحو الأفضل اجتماعياً ومهنياً، وثقافتنا الدينية تحض على ذلك (النساء شقائق الرجال) فلهما حقوق متساوية، ولم تعد المرأة مجرد رقم في التعداد العام، ولم يعد مناسباً في عصر العولمة وما بعد الحداثة أن تظل المرأة مجرد (أيقونة) لها أن تتعامل مع الظواهر والمتغيرات التي حاقت بمجتمعنا منها الاتساع في سماء الفضائيات وارتفاع في مساحة الإعلام بمجالاته المرئية والمسموعة والمقروءة وشبكة العلاقات الاجتماعية عبر الإنترنت.
وإزاء ذلك بات علينا بالضرورة أن نعينها على تثقيف نفسها سياسياً واجتماعياً برغبة ذاتية، والحرص على عدم دخولها في قضايا فرعية قد تباعد المسافة بينها وبين أهدافها الاجتماعية وغياتها الإنسانية، والنأي بها عن حومة الصراع الفكري أو السياسي، والعمل على اكتسابها المعلومات والمعارف من خلال مصادرها الرئيسية، ومن قيم ومعايير البيئة الثقافية ونواتج التطبيق وعوائد التجربة واستخلاص العبر من غير حساب.
والجدير بالذكر أن غاية أي مجتمع إنساني هو الارتقاء بأبنائه وتأهيلهم والدخول بهم إلى ميادين التنمية المستدامة وتحقيق الطموحات في بناء المجتمع الآمن المستقر، وتحقيق حياة أفضل، وهو مسؤولية أبناء الوطن جميعاً برجاله ونسائه.
وقد يكون من المناسب القول إن المرأة لدينا تعتبر مرتكزاً أساسياً في عملية التطوير والإصلاح ومشاركًا فاعلا في مخططات التنمية المستدامة، فتجويد وضع المرأة في المجتمع يعتبر دعماً حتمياً للمضي قدماً نحو المستقبل السعودي النهضوي الواعد ومرتكزاته الشرعية، ومحددات السلوك الاجتماعي وقيم التاريخ الاجتماعي والجغرافية الثقافية والواقع المعاصر.