مثلما سعت وعملت طهران على توظيف علاقاتها الأيديولوجية ذات الأبعاد الطائفية مع الأحزاب والجماعات والشخصيات المذهبية، وجعلها (ترساً) لحماية النظام الإيراني المرفوض إقليمياً ودولياً، عملت سوريا ذلك، وحذت حذوها، إن لم تسبق النظام الإيراني في ذلك، من خلال اختطاف القرار اللبناني الرسمي.
الثورة في سوريا وانتفاضة الشعب السوري في مواجهة قمع النظام السوري والمجازر التي يرتكبها بحق المتظاهرين، والتي واجهت رفضاً وتصدياً من محيط سوريا العربي ومن المحيط الدولي، جعلت النظامَيْن الإيراني والسوري يُفعِّلان من ضغوطهما وتوظيف (المتاريس) الطائفية، وبخاصة في لبنان والعراق. وإذا كان قرار العراق الرسمي قد اختار أقل الخسائر بالامتناع عن التصويت في موضوع تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية؛ كون وزير الخارجية العراقي ليس من (الكارتل الطائفي)، فإن ذلك فُرض على وزير خارجية لبنان؛ حيث خرج عن الصف العربي وغرّد بعيداً دون أن ينسق موقفه وقراره، وهو الذي يُفترض أن يعبر عن كل اللبنانيين؛ إذ إن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قال لسفراء دول مجلس التعاون في لبنان «إن موقف لبنان بالاعتراض على قرار جامعة الدول العربية تعليق عضوية الوفد السوري في الجامعة اتُّخذ من دون علمي أو التنسيق معي، وفوجئت به مثل الآخرين».
موقف الوزير الذي مثل لبنان في اجتماعات وزراء الخارجية وجد تأييداً من وزير التنمية الإدارية، ممثل حزب الله في حكومة ميقاتي، ووزير الصحة حسن خليل ممثل حركة أمل، وهما من (الكارتل الطائفي) نفسه، في حين امتعض وزراء جبهة النضال الوطني التي يرأسها وليد جنبلاط في اجتماع مجلس الوزراء من عدم طرح الأمر على سائر الأطراف، وبخاصة المشارِكة في الحكومة.
قرار سيادي لا يعرف عنه رئيس الحكومة، ويُفاجأ به مثل الآخرين، هذا ما تريده دمشق، وقبلها طهران، بتوظيف دول وحكومات لخدمة أهدافهما ومخططاتهما، حتى وإن خرجت من التوافق الوطني.
هذا الموقف اللبناني من القرار العربي بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، الذي سيُحسب على لبنان الدولة، رغم كل ظروف تشكيل الحكومة، أثبت أنها تُدار من خارج لبنان، رغم أن مثل هذه الأفعال تورِّط لبنان، وتُدخله في صراع له تبعات جمَّة، لبنان في غنى عنها، وليس من مصلحته وليس في قدرته الدفاع عن نظام يواجه عُزْلة دولية ومقاطعة إقليمية.