شهدت مادة الجمال، أي مادة التربية الفنية، في مدارسنا نوعاً من الإنعاش في وقتنا الحاضر على الرغم أن هناك معوقات ما زالت عقبة في طريق تدريس المادة على الشكل المطلوب أو المناسب؛ حيث ظهر هناك اهتمام من قِبل الوزارة من ناحية، وهي توفير منهج لتلك المادة قام به نخبة مميزة من قِبل متخصصين في المادة، وهذا يعتبر نقلة نوعية تعطي للمادة الوضع الصحيح الذي يجب أن يطبق، إلا أننا شهدنا تراجعاً من قِبل الوزارة فيما يخص توفير المعلم المتخصص الذي يُعتبر العنصر المهم في تفعيل المادة وإيصالها للطلاب بالشكل الصحيح المدروس، ظل هذا الجانب منذ سنوات ماضية حتى وقتنا الحاضر تعاني منه مدارسنا، وزاد الأمر في السوء وهو إغلاق التخصص في بعض الكليات مثل الكلية المتوسطة التي كانت تغذي مدارسنا بمعلم لديه خلفية كاملة عن المادة؛ الأمر الذي تسبب في نقص حاد في المعلم المتخصص، وجعل من المادة غير ذات هدف، لا تكسب الطالب قيم الجمال وقيم العمل المهني التي تعتبر الركيزة الأساسية في تعليم المادة. ومع هذا النقص الحاصل أُسندت المادة إلى معلمين غير متخصصين؛ الأمر الذي جعل من المادة في حالة تدهور وضياع؛ حيث يعتمد البعض منهم على الاجتهاد الشخصي أحياناً؛ ما أعطى انطباعاً سلبياً عن المادة لدى الطلاب، وجعلها مادة لتقضية الوقت لا أكثر ولا أقل، وهذا هو السائد في بعض المدارس التي تفتقد المعلم المتخصص.
لقد قلنا إن هناك معوقات صاحبت تعليم المادة، منها توافر المكان المناسب الذي بدأ في الاختفاء مع إنشاء مدارس جديدة، وكذلك توافر الأدوات والخامات، إلا أنها لم تعد تمثل عقبة ذات أثر كبير، ولكن يوجد هناك أمر هو على قدر من الأهمية، وهو زيادة كثافة الطلاب، التي نلاحظها الآن، والتي تعتبر مشكلة متجددة، فكيف يمكن للمعلم التعامل مع الأعداد الكبيرة من الطلاب والمادة تحتاج إلى التطبيق وممارسة تجارب بخامات عدة؟ هذا بدوره لن يساهم في الارتقاء بالمادة بل على العكس سوف يساهم في تراجع المادة إلى الوراء وحصرها في نطاق ضيق يقوم على أن المادة مجرد ألوان وكراسة رسم فقط؛ حيث لا تخرج عن هذا النطاق الذي ترسخ لدى تفكير بعض الطلاب الذين مروا على المادة خلال مراحل تعليمهم.
فأرجو من وزارتنا الموقر بعد أن أخرجت لنا منهجاً عن المادة أن يساير هذا الحرص على توفير المعلم المتخصص الذي يطبق هذا المنهج وفق متطلباته، وعدم الركون إلى إعطاء دورات تدريبية قصيرة لغير المعلم المتخصص؛ حيث لن تحقق أهداف المادة على الوجه المطلوب والأكمل؛ فالمادة بحاجة إلى تفعيل واهتمام أكبر؛ لأنها ذات بُعد تربوي ونفسي، تعرف الطالب بنواحي الجمال في بيئته، ويُضاف إلى هذا غرس حب العمل النفعي الذي يساعد في تنمية الذوق لديه ويفيده في الحياة مستقبلاً.