|
يشهد واقع الكثير منا اليوم تسلّل حياتنا المهنية إلى حياتنا الشخصية، بحيث نقوم بالتحقق من بريدنا الإلكتروني في المساء وخلال عطلة نهاية الأسبوع، وتفوتنا مناسبات عائلية بحجة أننا غير قادرين على مغادرة المكتب. وعندما نغادره، نأخذ معنا أجهزة الاتصالات خاصتنا كي نبقى على اتصال بالعمل. وفي سياق كتاباتي السابقة، شجّعت أصحاب المهن على إدارة ميزان الحياة-العمل بشكل استباقي أكثر عن طريق التفكير بأولوياتهم، ومعالجة السبل التي يتطفّل فيها العمل على حياتهم الخاصة بشكلٍ واعٍ. ولكن، على ضوء عدد الأشخاص من بيننا الذي يخلط ما بين أوقات العمل وأوقاته الخاصة، من المحتمل أن تكون هذه النصيحة ساذجة. وربما نحتاج إلى تقبل الواقع القائل بأنّ الفصل الحاد بين العمل والمنزل هو أمر من الماضي، وأنّ النمط المعتاد الحديث هو حياة تدمج بين الطرفين بشكلٍ سلس.
هذا وقد يتأتى عن التركيز على «الدمج» ما بين العمل والحياة الشخصية بدلاً من إحلال التوازن بينهما ردّي فعلٍ على الأقل: أولهما أنه بإمكاننا التوقف عن الشعور بالذنب حيال وضع جدول للاتصــالات أثنــاء العطلة أو تفحّص البريد الإلكتروني خلال الليل. كذلك، لا ينبغــي أن نشعر بالذنب مــن الحديث مع الأصدقاء أو العائلة في المكتب.
أما رد الفعل الثاني، فيشير إلى أنه لم يعد علينا الفصل بشكل قاطع بين «ساعات العمل» و»الساعات خارج إطار العمل». ولنتحلى بدلاً من ذلك بالمرونة حيال متى وكيف نقوم بعملنا ونحقق أهدافنا الشخصية.وبالطبع، ليست كل المؤسسات مجهزة لاستيعاب الموظفين الذين يرغبون في المزج ما بين حياتهم الشخصية والمهنية، والحقيقة أنّ العديد منها لا يشجّع إلى حد كبير هذا النوع من التصرف. إلا أنّ عدداً من المشاريع الرائدة قد أظهرت بأنّ الإنتاجية تتحسن بشكلٍ كبير عندما يتم تمكين عاملين متعاونين ضمن فرق (على غرار مندوبي خدمة العملاء) من وضع خططهم الخاصة المتعلقة بكيفية وموعد تنفيذ العمل.
إذن، ربما حان الوقت الآن لإعادة التفكير ليس في الطريقة التي ننظم بها عملنا فحسب، بل في الأسلوب الذي ننظم به حياتنا. وبدلاً من الشعور بالامتعاض كلما قاطعتنا قضايا العمل، دعونا نتقبل هذه المقاطعات على أنها جزء من حياتنا، سواء تسبب بها الأطفال أو الأصدقاء أو أعطال السباكة – أو الاتصالات الهاتفية خلال الإجازات.
(رون أشكيناس هو مدير شريك في «روبرت أتش. شيفر أند أسوشياتس» (Robert H. Schaffer الجزيرة Associates)، شارك في تأليف «ذي جي إي وورك أوت» (The GE Work-out) و»مؤسسة بلا حدود» (Boundaryless Organization). يحمل كتابه الأخير عنوان: فعال وحسب» (Simply Effective).