حدثني أحد المواطنين عن معاناته في شراء عقد كفالة عاملة منزلية من أحد السماسرة، وذكر لي أنه أضطر إلى أن يدفع مبلغاً تجاوز العشرين ألف ريال سعودي مقابل الحصول على ملكية تأشيرتها، لكني تفاجأت بسؤاله عن حكمها الشرعي، وهل دفعه لهذا المبلغ العالي يدخلها فيما ملكت الأيمان، خصوصاً أن العاملة والسمسار قبضا مبلغاً مادياً عالياً مقابل نقل ملكية الكفالة، ويبدو أن ما تطالب به الناشطة الكويتية سلوى المطيري في طريقه للحدوث محلياً، وكانت الكويتية قد اقترحت قبل عدة أشهر إصدار قانون عاجل لتنظيم استقدام الجواري وامتلاكهن، لحفظ حقوق الطرفين، وأن يدفع الراغب بامتلاك جارية مبلغ 2500 دينار كويتي، وأن يتم دفعه لمكاتب استقدام للجواري، وكان خيارها الأول الروسيات غير المسلمات اللاتي يقعن في أسر الشيشان، ويبدو أن اقتراح سلوى المطيري قد اقترب حدوثه، فالمبلغ الذي دفعه المواطن قارب المبلغ المقترح من قبل المطيري كسعر لامتلاك جارية..
يُذكر أن حديث الناشطة الكويتية قد سبقه دعوة قديمة للشيخ المصري أبو إسحاق الحويني، عن «ضرورة العودة إلى نظام الرق والاستعباد، واتخاذ الجواري والسبايا»، باعتباره حلاً للمشكلات الاقتصادية ودواء للفقر، وكان الحويني قد دعا في تسجيل صوتي له إلى إحياء زمن الجواري بإحياء واجب الجهاد، لكنه عاد ونفى ذلك جملة وتفصيلاً، ونسبه إلى محاضرة قديمة، وقد اجتهد الداعية الإسلامي صالح الغانم في ذلك، وأفتى بجواز امتلاك الجواري، شرط ان تكون الحرب تحت راية ولي الأمر الذي يتصرف في السبايا والأسرى كيفما يشاء!!، فله ان يقتلهن أو يوزعهن على المسلمين. واعتبر أنه في هذه الحالة «يحق للمسلم أن يعاشر الجارية معاشرة الأزواج، وإذا حملت منه وأنجبت فإنها تصبح حرة بعد وفاته».
كنت ولا زلت أحاول فهم الموقف الديني المتساهل من قضية ما ملكت الأيمان، ولماذا ما زال بعض علماء الدين يعتقد بجوازها؟ رغم تجاوز البشرية لها، واعتبارها جريمة محرمة من قبل المنظمات الإنسانية، ويعاقب عليها القانون، والجدير بالذكر أن منع الرق قد صدر من خلال قرار إداري للملك فيصل - رحمه الله - ولم يصدر عبر فتوى دينية، ويبدو أن ممانعتهم لاعتبارها محرمة، يعود لخوفهم أن ذلك سيفتح لهم باب تحريم ما أحل الله - عز وجل - وبقبوله سيُفتح الباب أمام قضايا أخرى مشابهة، وبالتالي سيرضخون لمفهوم نظرية التطور البشري، وهكذا، ولهذا السبب تمادت الناشطة الكويتية في اجتهادها وطالبت بحق تملك العانسات للعبيد، وبالتالي حل مشكلة العنوسة بين المسلمات.!!
كان الرق عند المسلمين في القرون الأخيرة مهنة من لا مهنة له، فسرقة الغلمان والنساء كان المصدر الأول لاقتنائهم، ثم بيعهم في السوق المحلية، ولا يزال بعض كبار السن يتذكرون الساحات التي كان يُباع فيها البشر كالبضاعة، وأن كنت أعتقد أن إشكالية الرق وما ملكت الأيمان لم نتجاوزها بعد، وذلك لغموض موقف بعض العلماء منها، ولا زلت انتظر أن تصدر فتوى تحرمها تماماً، وأن تطالب بأشد العقوبات للذين يتاجرون بالبشر، ويدخل في تلك المتاجرة بيع كفالات العاملات والعاملين في السوق المحلية من خلال مبالغ مادية مُبالغ فيه، وقد يصح أن يأخذ الكفيل تكاليفه المادية التي صرفها في عملية الاستقدام، وأن حكم أي مبالغ إضافية يدخل في باب المتاجرة بالبشر.
ورد عن أحد كبار العلماء المعاصرين «أن الإسلام أقر الرق والرق قديم قبل الإسلام موجود في الديانات السماوية ومستمر ما وجد الجهاد في سبيل الله، فإن الرق يكون موجوداً لأنه تابع للجهاد في سبيل الله - عز وجل - وذلك حكم الله - جلَّ وعلا - ما فيه محاباة لأحد ولا فيه مجاملة لأحد»، وبسبب هذه الأقوال وغياب موقف ديني جديد وحازم من هيئات كبار العلماء المسلمين، يدخل تساؤل المواطن في حكم المشروع بعد أن دفع المبلغ الكبير، وذلك لأن ما يحدث في حقيقة الأمر، يدخل في المتاجرة بالبشر أو الرق، بسبب صعوبة حصوله على إذن استقدام عاملة منزلية، ثم منح آخرين تأشيرات استقدام ليسوا في حاجتهم، وساهم ذلك في نشوء سوق للمتاجرة بالعمالة المنزلية وغيرها، ومن يدري فقد يتجاوز المبلغ في المستقبل ما اقترحته الناشطة الكويتية.