استكتبني الأكاديــمــــي والأديب المعرُوف الدكتور - محسن الشيخ آل حسّان للمشاركة بمداخلةٍ ضمن كتابٍ يُعدّه عن جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أيده الله في خدمة المجتمع الإنساني، عَبْر العديد من المبادرات العالمية الناجحة، كان من أبرزها وأعمقها أثراً دعوتُه حفظه الله للحوار بين الأديان، وتجسير الفجوات بين ثقافات العالم.
وقد شارك في إعداد هذا المؤلّف كَوكبةٌ من القامات العالمية، بينهم رؤساء دول وشخصياتٌ بارزه سعوديةٌ وعربيةٌ وإسلاميةٌ ودوليةٌ، ويقع الكتاب في نحو مائتيْ صفحة من القطع الكبير باللغتين العربية والإنجليزية.
غَنيُّ عن الذّكر أنّني لم أتردَّد لحظةً في تلبية الدعوة تسليماً مني بأهمية الموضوعِ محلَّ البحث على الصَّعيديْن المحلي والعربي والعالمي، خاصة وأننا نعيشُ أصداءَ العديدِ من الأحداثِ المبدعةِ منذ حين محليّاً ودولياً، وخير شاهد على ذلك الإعلان مؤخراً عن إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ومقره فينا، عاصمة النمسا، وهو المركز الذي احتضنه الملك المفدى باسم المملكة العربية السعودية دعوةً وتأسيساً ومتابعةً، متخطياً بذلك بعضَ الحواجز والعقبات حتى رأى النورَ ميلاَداً أواسطَ الشهر الماضي بالإعلانِ عن تأسِيسه، وسيكونُ هذا المركزُ بإذن الله قلعةً منيعةً لتكريسِ مكانة هذه البلادِ الطيّبةِ عالمياً داعيةً للسلام بين شعوب العالم عبر صراط الفهم والتقارب والحوار البَنّاء بينها، وصُولاً إلى الفضيلة المنشُودة، وهي التأْسيسُ لمجتمع دولي سَويّ مفرّغ من أوضار الفرقة والصراع والدمار!
وقد شاركتُ في الكتاب سالفِ الذكر بمداخلةٍ قصيرة أسْمْيتُها (عبدالله بن عبدالعزيز : قلب وعقل الاعتدال الإنساني) اصْطفيتُ لقرائي الكرام بعْضاً من فقراتها، وبدأتُها بالكلمات التالية:
(ليسَ غريباً ولا أمراً طارئاً أن تسْتقطبَ الأنظار العالمية من مختلف الأطياف، سياسية ودينية وثقافية، قامةً دولية رفيعة القدر، عريقة السيادة، ممثلةًً في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله، فهو بلا منازع قائد إسلامي وعربي فذّ، شهدت له جلُّ المحافل، إقليميةٍ وإسلاميةٍ وعربيةٍ ودوليةٍ، صِدْقاً في القَول، وسَدَاداً فـي الرأي، وأمانةً في الأداء، وباتَتْ بلادُنا في عَهْده الزاهر، قبلةَ المتابعةِ والإعجاب، بإنجازاتها الاقتصادية والعلمية والثقافية والسياسية والتنموية).
ثم استطردتُ قائلاً :
(كلُّنا نتذكّر في هذا الصدد المواقفَ الشجاعةَ التي بذلها خادمُ الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تصدّياً لبعض أوجاع الإنسان العربي، من بينها مبادرتُه الإنسانية الشهيرة لرأْبِ صدْع الخلاف بين فصيليْ الأسرة الفلسطينية، (فتح وحماس)، وإنهاءِ حالة الانشقاق والعزلة والتجاذب السياسي والأمني بينهما الذي أوصلهما أكثر من مرة إلى شفا الدم والدمار، فدعَا قادتهَما قبل بضع سنين إلى أشرف بقاع الأرض، مكة المكرمة، للحوار الأخوي المشترك برعايته حفظه الله، أملاً في الوصول إلى وفاقٍ يُنْهِي (حالةَ الحرب) بين أشقاء الدم والمصير المشترك، وتحكيم العقل والاعتدال فيما شجر بينهما، انتصاراً لقضيتهما الأم: فلسطين: وطناً وقضيةً وشعباً)!
ثم عرَّجتُ بالحديث إلى المحيط العربي فقلت :
(لم تضُنّ المملكة العربية السعودية يوماً بالجهد والكلمة الطيبة لفتح قنوات الصلح والتصالح بين بعض الأطراف العربية المتنازعة، وتحْجِيم فجَوات الخُلْف والانشطار بينها، وقد بذل خادمُ الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جُهوداً مضنيةً في هذا السبيل، فدعا أطرافَ النزاع إلى حَوْضِ الوفاقِ والتعاون المشترك عَبْر أكثر من قمةٍ عربيةٍ وخارجها، وشهدْنا وشَاهدنا نجاحَه حفظه الله عبر أحد مؤْتمراتِ القمة العربية في التأْسيس لمصَالحة بين الشقيقتيْن مصر وسوريا، ليسْتَأنِفَا معاً دورَهما الريادي الثنائي والعربي).
(وللحديث صلة)