التقيت سماحة الشيخ العلاّمة عبدالله ابن عقيل أول مرّة في مكة المكرمة عام 1415هـ، وعرفت أن المترجم له معلق قلبه بمكة المكرمة وحرم الله يصوم بها الأيام البيض من كل شهر ثم يعود إلى الرياض.. وكان برنامجه في مكة المكرمة صوم وعبادة وفتوى ومدارسة ولقاء بالعلماء وطلبة العلم يأنس به جليسه ويستفيد منه من اقترب منه ولو لدقائق معدودات.. جمع الله له بين العلم والتواضع والوقار والتؤدة والسمت والأدب وحب المجالسة والأنس بالأخيار والمناقشة والحوار.. وهكذا برنامجه في الرياض أو في أي مكان حل فيه داخل المملكة وخارجها.
وحينما كان يعقد الشيخ أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري أحديته الثقافية بمنزله في الرياض وأنا أحد مساعديه في هذا الأمر كنت أرى شيخنا المترجم له يصل أحياناً مع بعض أبنائه وتلامذته إلى مقر الأحدية بالرغم من تقدمه في السن ومظنة استغراق الأمسية لشطر من الليل ولكن نور الطاعة وحب المعرفة وذوي القربى والتعلق بالعلم تدفع بقدميه إلى حيث يتعب جسده ويرتاح قلبه وعقله.
رأيته مرّة وأنا في معية بعض الزملاء أثناء نزولنا من الطائرة التي أقلّتنا من الرياض إلى جدة لابساً الإحرام ويهم بالنزول بمفرده من سلم الطائرة.. ولكنه يكاد ينوء بحمل حقيبته الخاصة وجسمه النحيل لا يقدر على حملها فتسابق من حوله ممن لا يعرفه وهم كثر وممن يعرفه وهم قلة لحملها ومرافقته بها إلى السيارة.
وهناك مشهد لطيف استوقفني يوم الاثنين 22صفر 1428هـ أثناء مطالعتي لصحيفة الرياض.. فقد وجدت فيها صورة نادرة تعود إلى سنة 1373هـ جاءت في سياق الحديث عن الجمعية الخيرية الصالحية في عنيزة. وتضم الصورة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز حفظه الله وزير الدفاع آنذاك بالزي العسكري وإلى يمينه الشيخ العلاّمة عبدالرحمن ابن سعدي رحمه الله ثم شيخنا عبدالله ابن عقيل رحمه الله حينما كان قاضياً لعنيزة.. والصورة تجمع هؤلاء الرموز في حفل كبير أقيم آنذاك في عنيزة.. فقلت في نفسي كم نحن مقصرون بحق روادنا ومعاصرينا كما قيل (المعاصرة حجاب).. وفي الوقت نفسه تبرز دلالات ما جبل عليه شيخنا من تواضع وعدم محبته في الظهور.
وبعد هذا المشهد فاتحت شيخنا أبا عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري في ضرورة تكريمه والاحتفاء به في أحدية أبي عبدالرحمن الثقافية.. فوجدته أكثر مني رغبة وحماساً.
وفي ظني أن شيخنا المترجم له ينطبق عليه وصف (عميد القضاة) في بلادنا فقد تولاه منذ عام 1353هـ إلى تقاعده عام 1405هـ ثم مكث طويلاً بعد ذلك في أعمال تتصل بالعلم الشرعي والقضاء والإفتاء.. واتفق المعاصرون على تسميته (شيخ الحنابلة) وألفّ تلميذه الشيخ محمد زياد التكلة كتاباً عنونه (فتح الجليل في ترجمة وثبت شيخ الحنابلة عبدالله العقيل)
وفي يوم الجمعة 3-4-1428هـ ذهبت إلى مسجده في حي الهدى بالرياض صلاة العصر.. فجاء من منزله وأمّ المصلين، وبعد الفراغ من الصلاة دنوت منه وسلمت عليه فدعاني إلى المنزل، وخلفنا ثلاثة من الشباب يطلبون العلم.
وفي المنزل ناولته خطاباً موقعاً من شيخنا أبي عبدالرحمن ابن عقيل ومني فقرأه بتمعن بحضور حفيده الشيخ الشاب البار أنس بن عبدالرحمن ووافق مشكوراً على فكرة الاحتفاء به.. ثم قال لعلي ألقاك مساء غدٍ في حفل تكريم وتوديع معالي الأستاذ محمد بن عبدالله النافع (رحمه الله) رئيس هيئة الرقابة والتحقيق السابق بدعوة من معالي الدكتور صالح بن سعود آل علي الرئيس الجديد للهيئة.. وكان سماحة شيخنا حريصاً على حضور المناسبة لأن معالي الأستاذ النافع هو أحد أبرز المجالسين للشيخ المنتفعين بعلمه منذ عام 1408هـ.
وبعد حفل العشاء المقام بفندق شيراتون الرياض مساء السبت 4-4-1428هـ ألقى معالي شيخنا الدكتور صالح بن سعود آل علي كلمة ترحيبية أثنى فيها كثيراً على جهود الأستاذ النافع وعلى شخصيته الفريدة في العمل بصمت.. وبعد كلمة الأستاذ النافع التي شكر فيها الدكتور آل علي مستعرضاً زمالتهما في مجلس الشورى وإعجابه بعلمه وحكمته.. بدأ سماحة شيخنا عبدالله ابن عقيل بإلقاء كلمة أنصت الحضور فيها كثيراً.. لأنه عرض جوانب مشرقة لا يعلمها ضيوف الحفل عن معالي الأستاذ النافع.. منها تواضعه ووقاره وعلمه وحلمه وحسن إدارته ووفاؤه وعمله بصمت بعيداً عن المظاهر.
وكانت كلمات الشيخ الأبوية مثار إعجاب من العلماء الحاضرين الذين كان منهم معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد ومعالي الشيخ حمود الفايز ومعالي الشيخ محمد الشنقيطي وغيرهم.. وجاءت هذه المشاركة من سماحة شيخنا دليل وفاءٍ منه لأحد محبيه وعارفي فضله.
وقد كتب معالي الأستاذ النافع رحمه الله عن الشيخ عبدالله العقيل بتاريخ محرم 1425هـ كما ورد في كتاب فتح الجليل ما نصه: ((عرفتُ الشيخ لأكثر من ثلاثين عاماً: جلستُ معه.. تتلمذتُ عليه.. سمعت منه.. وقرأت وهو يوجّه ويعلق، فعرفتُ في سماحته: السماحة، وحسن الخلق، والتأدب مع الكل، والتواضع إلى الحد الذي يغمط حقَّه الواجب له على طلابه ومريديه، فهو يعلّمك ويُشعرك أنه يتعلم منك !
هذا العالم الرباني الذي بلغ من العمر التسعين أو شارفها ؛ ومع ذلك فلا يزال في قلبه من الشباب وقوة العزيمة ما يُعينه في أموره كلها، أمدّ الله في عمره.
لم أجلس معه إلا واستفدتُ، ولا تحدثتُ إليه إلا كان حديثُهُ علماً نافعاً، كنت أحضر بعض المناسبات التي يخصصها للقاء أبنائه وأحبابه، وكانت جلسة عائلية، تشتمل على شيء من التسلية والمرح ؛ انطلاقاً من: ((روِّحوا عن أنفسكم ساعة بعد ساعة، فإنها إن كَلَّتْ مَلَّت))، وكانت هذه التسلية تتمثل في نوع من المسابقات العلمية والمنافسة في المعارف، وكان يُضفي في المناسبات الاجتماعية على المجلس شيئاً من روحه بما يورده من قصص وحكايات تحمل في طياتها المواعظ والعبر والنصح بأسلوب يستوعبه كل من في المجلس ؛ حتى البسطاء منهم.
عرفتُ أن الشيخ موسوعة علمية بما يحفظه من الشعر ؛ فصيحه وعاميّه، وأنه لا يفوت عليه الاطلاع على العلوم والمعارف الإنسانية أيّاً كان مصدرها، فالحكمة ضالة المؤمن ينشدها أنّى وجدها، ومن ذلك نصيحته لأحد أقاربي بقراءة كتاب: ((دع القلق وابدأ في الحياة)) لديِل كارنيجي، وهو كتاب يُعالج الجوانب النفسية في الإنسان.
وأن الشيخ حجة في اللغة العربية ؛ نحواً وصرفاً وبلاغةً، فهو أستاذ متمكن في اللغة، وقد حضرتُ درساً من دروسه في شرح ألفية ابن مالك، فعجبتُ لتلك المقدرة الفائقة في توصيل المعلومة.
وكان بابه وهاتفه مفتوحين لكل سائل ومستفتٍ، وكانت أجوبته لمن يسأله من بسطاء الناس الذين يريدون رفع الحرج عن أنفسهم شافية كافية ومقنعة، تتمثل في فتوى أو نصيحة دون تعنيف أو لوم.
وأما إذا كانت المسألة من المسائل الشائكة أو التي يختلف فيها الرأي فكان جوابه الحاضر أبداً: ((أفتى الشيخ فلان بكذا، أو الشيخ فلان بكذا))، والمطلوب للسائل - وأنا منهم - فتوى شيخنا وفقه الله في المسألة ؛ التي أعرف يقيناً أنه في مسائل الفقه خاصةً أمكنُ منهم وأقدرُ على الاستنباط.
ولعل من أهم مساهماته - وهي كثيرة، تشهد له فتاواه المطبوعة وغيرها - دخولَه في النظر في الأعمال المصرفية في سبيل ردِّها إلى أحكام الشرع، ولا شك في أن في مجموعة الأجوبة على ما طرح على اللجنة الشرعية لشركة الراجحي - التي هو رئيسها - ما يُثري الجانب الاقتصادي، ويُعطي صورة مشرقة بأن الفقه يشتمل على أجوبة وحلول لكل النوازل والمستجدات، ولا سيما في مسائل الاقتصاد، ومن أهمها الأعمال البنكية والتأمين، يصلُ إليها من لديه القدرة على الفهم والاستنباط.
وشيخُنا وفقه الله وأمدّ في عمره له قدوةٌ بشيخه العلامة عبدالرحمن ابن سعدي رحمه الله ؛ الذي يلهج بِذكره ويُسند إليه دائماً، وحسب تأدبه معه تلك الرسائل المتبادلة بينهما.
وفي تقديري أن هناك الشيء الكثير في هذا المجال ستظهره الأيام.
جزى الله شيخنا العلامة عبدالله بن عبدالعزيز العقيل خير الجزاء، ونفع بعلمه وأدبه.
(الرياض 15محرم 1425هـ)
ترجمته:
ولد الشيخ عبدالله في مدينة عنيزة عام 1335هـ.. نشأ في كنف والده الشيخ عبدالعزيز العقيل، الذي يعتبر من رجالات عنيزة المشهورين، ومن أدبائها وشعرائها، (ترجمته في كتاب علماء نجد للشيخ عبدالله البسام) فكان والده هو معلمه الأول.
وقد هيأ الله عز وجل للشيخ عبدالله بن عقيل بيت علم، فإلى جانب والده الشيخ عبدالعزيز، فإن أخاه الأكبر هو الشيخ عقيل بن عبدالعزيز من حملة العلم، وكان قاضيًا لمدينة العارضة في منطقة جازان جنوبي المملكة، كما أن عمه هو الشيخ عبدالرحمن بن عقيل الذي عين قاضيًا لمدينة جازان.
درس الشيخ عبدالله العلوم الأولية في مدرسة الأستاذ ابن صالح، ثم في مدرسة الداعية المصلح الشيخ عبدالله القرعاوي.. حفظ الشيخ عبدالله القرآن الكريم، وعددًا من المتون التي كان طلبة العلم يحفظونها في ذلك الوقت ويتدارسونها، مثل: عمدة الحديث، ومتن زاد المستقنع، وألفية ابن مالك في النحو... وغيرها.
وبعد اجتيازه لهذه المرحلة التحق بحلقات شيخ عنيزة وعلّامة القصيم الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وقد لازمه ملازمة تامة؛ فتعلم عليه القرآن الكريم، والتفسير، والتوحيد، والحديث، والفقه، واللغة... وغيرها.
كما استفاد الشيخ عبدالله من مشايخ عنيزة الموجودين في ذلك الوقت مثل: الشيخ المحدث علي بن ناصر أبن وادي؛ فقرأ عليه: الصحيحين، والسنن، ومسند أحمد، ومشكاة المصابيح، وأخذ عنه الإجازة بها بسنده العالي عن شيخه محدّث الهند نذير حسين (ت 1299هـ).
وفي الوقت الذي عمل فيه الشيخ عبدالله قاضيًا في مدينة الرياض لم يألُ جهدا في الاستفادة من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله فلازمه واستفاد منه علميا؛ حيث انضم إلى حلقاته التي كان يعقدها في فنون العلم المتعددة.
كما استفاد الشيخ عبدالله من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم أثناء العمل معه عضوًا في دار الإفتاء لمدة خمسة عشر عامًا؛ فاستفاد من أخلاقه، وحسن تدبيره، وسياسته مع الناس.
واستفاد الشيخ عبدالله من العلماء الأجلاء الوافدين لمدينة الرياض للتدريس في كلية الشريعة، أمثال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان (ت: 1393هـ)، والشيخ عبدالرزاق عفيفي (ت: 1415هـ) وغيرهما.
وظائفه:
اختير الشيخ عبدالله وهو في مطلع شبابه -في عام 1353هـ - مع المشايخ الذين أمر الملك عبدالعزيز بابتعاثهم قضاة ومرشدين في منطقة جازان، فكان نصيب الشيخ عبدالله مع عمه الشيخ عبدالرحمن بن عقيل -قاضي جازان- أن عمل ملازمًا وكاتبًا، مع ما كان يقوم به من الإمامة، والخطابة، والحسبة، والوعظ، والتدريس.
وفي تلك الفترة وأثناء مكوثه في جازان خرج مع الهيئة التي قامت بتحديد الحدود بين المملكة واليمن، حيث ظلت تتجول بين الحدود والقبائل الحدودية بضعة أشهر من سنة 1355هـ.
وفي عام 1357هـ رجع الشيخ عبدالله إلى بلدته عنيزة، ولازم شيخه ابن سعدي مرة أخرى بحضور دروسه ومحاضراته حتى عام 1358هـ، حيث جاءت برقية من الملك عبدالعزيز لأمير عنيزة بتعيين الشيخ لرئاسة محكمة جازان خلفا لعمه عبدالرحمن، فاعتذر الشيخ عن ذلك؛ فلم يقبل عذره، فاقترح على الشيخ عمر بن سليم التوسط بنقل الشيخ محمد بن عبدالله التويجري من أبو عريش إلى جازان، ويكون هو في أبو عريش، فهي أصغر حجمًا وأخف عملًا، فراقت هذه الفكرة للشيخ عمر بن سليم؛ فكتب للملك عبدالعزيز، الذي أصدر أوامره بذلك. ومن ثَمَّ سافر الشيخ عبدالله إلى أبوعريش مباشرًا عمله الجديد في محكمتها مع القيام بالتدريس والوعظ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان ذلك في رمضان من سنة 1358هـ.
وفي سنة 1359هـ نقل الشيخ عبدالله إلى محكمة فرسان، لكنه لم يدم هناك طويلا، فما لبث أن أعيد إلى محكمة أبو عريش مرة أخرى ليمكث فيها قاضيا مدة خـمس سنوات متتالية.
وفي رمضان سنة 1365هـ نقل الشيخ بأمر من الملك عبدالعزيز إلى محكمة الخرج، وذلك باقتراح من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ولم يدم مكوث الشيخ عبدالله في محكمة الخرج إلا قرابة السنة، حيث تم نقله إلى المحكمة الكبرى في الرياض في شوال سنة 1366هـ.
ظل الشيخ عبدالله بن عقيل قاضيا في الرياض حتى سنة (1370هـ)، إلى أن أمر الملك عبدالعزيز بنقله قاضيا لعنيزة مسقط رأسه، ومقر شيخه عبدالرحمن بن سعدي، حيث لم يمنعه موقعه -وهو قاضي عنيزة- من متابعة دروسه العلمية، والاستفادة منه طيلة المدة التي مكث فيها: بعنيزة. وقد أشرف خلال هذه الفترة على إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدينة عنيزة.
وقد ظل الشيخ قاضيًا لعنيزة حتى سنة 1375هـ. وفي تلك الأثناء افتتحت دار الإفتاء في الرياض برئاسة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وعين الشيخ عبدالله بن عقيل عضوًا فيها بأمر الملك سعود وباشر عمله في رمضان سنة 1375هـ.
وكان تعيين الشيخ في دار الإفتاء فرصة عظيمة له لملازمة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والاستمرار في الاستفادة منه.
وأثناء عمل الشيخ عبدالله في دار الإفتاء أصدر مجموعة من العلماء برئاسة سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم صحيفة إسلامية سميت بالدعوة، وكان فيها صفحة للفتاوى، تولى الإجابة عليها أول أمرِها سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، ثم وكّل للشيخ عبدالله بن عقيل تحريرها، والإجابة على الفتاوى التي تَرِدُ من القراء، وقد كان من نتاجها هذه الفتاوى التي تطبع لأول مرة.
وبعد وفاة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رئيس القضاة- أمر الملك فيصل بتشكيل لجنة للنظر في المعاملات الموجودة في مكتبه؛ كرئيس للقضاة فترأس الشيخ عبدالله تلك اللجنة، التي سميت اللجنة العلمية. وقد ضمت في عضويتها كلاً من الشيخ محمد بن عودة، والشيخ راشد بن خنين، والشيخ عبدالله بن منيع، والشيخ عمر المترك.
وما إن أنهت اللجنة العلمية أعمالها حتى انتقل الشيخ عبدالله بن عقيل- في عام 1391هـ - بأمر من الملك فيصل إلى عضوية هيئة التمييز، بمعية كل من الشيخ محمد بن جبير، والشيخ محمد البواردي، والشيخ صالح بن غصون، والشيخ محمد بن سليم، ورئيسهم الشيخ عبدالعزيز ابن ناصر الرشيد.
وفي عام 1392هـ تشكلت الهيئة القضائية العليا برئاسة الشيخ محمد ابن جبير، وعضوية الشيخ عبدالله بن عقيل، والشيخ عبدالمجيد بن حسن، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ غنيم المبارك.
ومن الهيئة القضائية العليا انتقل عمل الشيخ إلى مجلس القضاء الأعلى الذي تشكل برئاسة وزير العدل في ذلك الوقت الشيخ محمد الحركان، حيث تعين فيه الشيخ عبدالله عضوًا، إضافة إلى عضويته في الهيئة الدائمة لمجلس القضاء الأعلى، وذلك في أواخر عام 1392هـ.
ثم عين الشيخ رئيسا للهيئة الدائمة في مجلس القضاء الأعلى إثر انتقال الشيخ محمد الحركان إلى رابطة العالم الإسلامي، وتعيين الشيخ عبدالله بن حميد خلفًا له في رئاسة المجلس، كما كان الشيخ عبدالله بن عقيل يترأس المجلس الأعلى للقضاء نيابة عن الشيخ عبدالله بن حميد أيام انتدابه، وأيام سفره للعلاج.
وقد اختير الشيخ عبدالله بن عقيل لعضوية مجلس الأوقاف الأعلى إبّان إنشائه في سنة 1387هــ، واستمر في عضويته إلى جانب أعماله التي تقلدها حتى بلغ السن النظامي للتقاعد في سنة 1405هـ.
ولم يكن التقاعد عن العمل الوظيفي تقاعدًا عن الأعمال عند الشيخ عبدالله، فترأس الهيئة الشرعية التي أنشئت للنظر في معاملات شركة الراجحي المصرفية للاستثمار، ومن ثم تصحيح معاملاتها بما يوافق الشريعة، وكانت اللجنة تضم في عضويتها كُلًّا من الشيخ صالح الحصين -نائبًا للرئيس- والشيخ مصطفى الزرقاء، والشيخ عبدالله بن بسام، والشيخ عبدالله بن منيع، والشيخ يوسف القرضاوي. وقد تولى أمانة هذه اللجنة الشيخ عبدالرحمن ابن الشيخ عبدالله بن عقيل.
ولما عرض على هيئة كبار العلماء بالمملكة موضوع تحديد حرم المدينة النبوية، رأى المجلس الاكتفاء بقرار اللجنة العلمية الأسبق المؤيَّد من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، والتي كان الشيخ عبدالله بن عقيل مندوبا عنه فيها، وقد رأى مجلس كبار العلماء تشكيل لجنة جديدة لتعيين الحدود على الطبيعة تضم -بالإضافة إلى الشيخ عبدالله بن عقيل- كلًّا من الشيخ عبدالله البسام، والشيخ عبدالله بن منيع، والشيخ عطية محمد سالم، والشيخ أبو بكر الجزائري، والسيد حبيب محمود أحمد، وقد تولى الشيخ عبدالله رئاسة هذه اللجنة، كما تولى سكرتارية اللجنة الشيخ عبدالرحمن ابن الشيخ عبدالله بن عقيل.
وقد فرَّغ الشيخ عبدالله نفسه -منذ أن تقاعد عن العمل الرسمي- للعلم وأهله وطلبته في الرياض وفي مكة المكرمة في الحرم ــ وقد شهدت بنفسي أحد دروسه في الحرم المكي، فلا تكاد تجده إلا مشغولًا بالعلم تعلمًا وتعليمًا، بالإضافة إلى إجابة المستفتين حضوريًّا وعلى الهاتف، ويؤم المصلين في مسجده في حي الهدى بالرياض ويستقبل أسرته وطلابه وأقاربه في مساء كل أربعاء ويولم لهم.. سمع دروس يومية. وقد كان يوم وفاته مساء الثلاثاء والصلاة على جنازته رحمه الله بعد صلاة العصر يوم الأربعاء 9شوال 1432 هـ في جامع الملك خالد في الرياض وأمّ المصلين سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة جزاه الله كل خير.. وشهد الصلاة والدفن عدد كبير ملأ المسجد وأروقته في مشهد مهيب قل له نظير رحمه الله رحمة واسعة وبارك في ذريته.. فهو سليل أسرة مباركة ذات محتد شريف ومنبع أصيل.
- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية