يتوهم من يظن أن الموهبة الجيدة مربوطة بجنس الموهوب حيث نسمع أحيانا ممن لا يدركون أن الإبداع المبني على الموهبة الأصيلة إنما هو تفاعل وجدان وقوة عقل وثقافة أصيلة بنيت على الاطلاع والاستيعاب والتحليل والخروج بنتيجة لا تشبه المخزون وان كانت تنهل منه وكل هذا لا فرق أن يكون في وجدان وعقل رجل أو امرأة.
وقلة عدد الشاعرات مقارنة بعدد الشعراء شيء بدهي ومنطقي حيث تزخر مجالس الرجال بالشعر منذ نعومة أظفارهم مقارنة بمجالس النساء التي ربما كان الشعر من آخر اهتماماتهن وهذا ما يجعل بعض المحاولات النسائية تتسم بالخطاب الأقرب إلى الذكورة منه إلى الأنوثة إذ نقرأ أحيانا بعض ما يكتب بأسماء نسائية وكأن الذي كتبه رجل وأنا هنا أعذر بعض المحاولات ولكن ليس على الإطلاق إذ يفترض أن تخرج المرأة بشعرها عن تبعيتها الخاطئة لخطى الرجل الشاعر.
لذا نرى أحيانا من يتلقف أي شاعرة بغض النظر عن المستوى الجيد أو الرديء لما تطرحه تحت ذريعة ندرة الشاعرات وهنا تتوهم من لا تعي أهمية الظهور الإعلامي أنها وصلت إلى القمة بمجرد النشر لها هنا وهناك وفي هذا التصرف غير الواعي من قبل من يمنح بعضهن المساحة في مطبوعته انه يخدم شعر المرأة وهو إنما يظلم الشاعرة الحقيقية التي ربما تفوقت على كثير ممن يشار إليهم بالبنان من مشاهير الشعراء إذ نجد في بعض الشاعرات نضج التجربة وقوة البناء الشعري وعذوبة الكلمة وجمال الأسلوب وابتكار الصور وصدق العاطفة.
ومن الجور وعدم الإنصاف أن تجلس في أمسية واحدة شاعرة موهوبة متمكنة مقنعة مدهشة إلى جوار مبتدئة لا تكاد تفقه من الشعر إلا النزر اليسير ربما وصلت إلى تلك المنصة تبعا لجهل من إحدى القائمات على تنظيم الأمسية أين تجعل كل شخص في مكانه الصحيح.
fm3456@hotmail.com