لعل من أبرز المسلمات التي يؤمن بها كل مسلم أن الفضل كلّه وجلّه بيد الله سبحانه وتعالى، يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء، أنعم على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- عبر أزمنتها العديدة وسنواتها المديدة، خلفاء وحكام وملوك رفعوا راية الإسلام، وطبقوا شرع الله في أرضه، وأطلقوا الإسلام للعالم بحضارتهم وسيرهم الطيبة.. وما أسرة آل سعود إلا امتداد لهذا التسلسل الطيب الذي حظيت به جزيرة العرب.. فتاريخهم المشرف، المسطر بماء الذهب يروي قصة ملحمة بطولية لرجال مخلصين أعز الله بهم الأمة، وافتخر بهم الشعب والأيام، ابتداءً من مؤسس هذا الكيان العظيم وموحد أركان هذا البلاد المترامية الأطراف وجامع الناس تحت راية شامخة هي لا إله إلا الله الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- فلم يجمع شعبه تحت أنظمة رأس مالية، أو نظريات شيوعية وعلمانية، بل وحدهم تحت راية الإسلام، فسدد الله خطاه وحبب الرعيّة به و بأبنائه من بعده.
وخادم الحريم الشريفين عبد الله بن عبد العزيز آل سعود أحد هؤلاء السلسلة الكريمة من الحكام الموفقين المباركين، الذين أقاموا ما في كتاب الله من خير وأمانة وعدل ومعان ٍعظيمة، وطبقوا سنة نبيه خير تطبيق، وبذلوا جميع الأسباب التي تناسب العصر وتنسجم مع مكانة وحجم وثقل المملكة في هذا العالم المتسارع.
وإن أردنا أن نورد إنجازات عبد الله بن عبد العزيز، فإن المقام لا يتسع لذكر قائمة لامعة من النجاحات التي حققتها المملكة في عهده، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستوى الدولي وعلى جميع الأصعدة، فكسب حبه شعبه، وحظيت قراراته الحكيمة بشعبية واسعة باتجاهات المملكة الأربعة، والدليل على ما أقول أنه عندما حاول المفسدون والعابثون الدّاعون إلى التفرقة والفتنة زعزعة استقرار الأمن، وشعل فتيل الفتنة بين أبناء الوطن، تصدّت لهم الوطنية العميقة في نفوس السعوديين، ووقف حبهم لمليكهم وحكومتهم حاجزا شاهقاً أمام مطامعهم المريضة، وظل يقينهم حاضراً بأن خادم الحرمين ملكهم ووالدهم لن يخذلهم.. وبالفعل، أتت الأوامر الملكية السامية سريعاً لدحض أوهام كل مشكك وجاحد.. فبهت الذي حسد، وغبن الذي حقد، وخاب الذي توعّد.
واليوم تشهد المملكة العربية السعودية نهضة عملاقة، وإصلاحات امتدت ليعم خيرها على مجالات كثيرة.. السياسية والاجتماعية والقضائية والتعليمية والاقتصادية والتنموية، وما برحت سحابات خير أبي متعب على شعبه لا تتوقف عن الهطول، ونبع عطائه لا ينضب، بل يزداد ويتألق على شكل إصلاحات وقرارات شجاعة وحكيمة.
كيف لا؟ وأنت الملك العادل المتواضع الآسر بعطفه كرمه.. فما أتاك أحد من مواطنيك إلا وقضيت حاجته كأن لسان حالك كقول الإمام الشافعي -رحمه الله-:
أفضل الناس ما بين الورى رجل
تقّضى على يده للناس حاجات
سنين نيرات مر بها عهدك.. وكأننا نقرأ قصة نجاح ونشهد علاقة حب ووفاء وتلاحم حقيقي بدون تزلف ورياء.. بل علاقة آسرة بين الشعب والملك وكأنها علاقة الأب بالأبناء، والفلاح بالأرض.
سنين وأنت تدير أمور البلاد والعباد وتقضي ساعات طوال في مجلس لا يبدأ إلا بذكر كتاب الله المبين، ليقينك الجازم أنه بدونه لا عز للإسلام ولا للمسلمين. ففي مجلسك العامر يقرأ القرآن ويرتّل، ومن حولك العلماء مجتمعين تقديراً واحتراما لك.. فما أرقك وأعظمك حين تقول في خطاب وطني رسمي بعفوية شفّافة «لا تنسوني من دعائكم» في دلالة ناصعة على خوفك من الله تبارك وتعالى، وحرصك على الدعاء والتقرّب من الله.. وهي كلمة لم يقلها زعيم عربي مسلم معاصر.. جملة كشفت لنا جوانب عظيمة من شخصيتك الفريدة، وأبعاداً جديداً لتواضعك وبعدك عن الكبر.. وهذا من أهم أسباب توفيقك وحب الناس لك.
ففي الجوار تثور الشعوب على حكامها لجورهم، ونحن نباهي بك الشعوب من حولنا لأنك لبلاد الحرمين خادم وملك.
وأنا أكتب اليوم كي أحدث جيلي جيل الشباب عن إنجازاتك، فنحن نراها ونعيشها ونستشعرها من حولنا وهي في ازدياد وازدهار.
فلتهنأ يا خادم الحرمين فإن الناس شهود الله في أرضه، وإني وشعبك لعدول بإيماننا بأنك إن شاء الله القوي الأمين العادل الصالح المصلح، وأنك فوق ذلك كله أقمت شرع الله على أرضك وشعبك فأكرمك الله حب الشعب ووفاءه لك في الدنيا والأجر والمثوبة في الآخرة.