كلُّ ما هو قابلٌ للتسليع يُثمّن بمقدار ما يتوصل الإعلان وتُفلح الدعاية في إبراز أهميته للمستهلك. ثمة وسائل جهنمية وطرق مدروسة ومُعقّدة للترويج، لا تتوانى عن تسخير علماء النفس وعلماء الاجتماع، في خدمتها.
البائس، أن علم النفس وعلم الاجتماع هما «سلعتان» أيضاً في نظر «فن» الدعاية والإعلان، وإلاّ، فهل يُعقل أن لوحة فان غوغ «عنقود العنب» المعروضة في متحف موسكو، لا تُقدر بثمن، وأن لوحة «دوّار الشمس» بيعت بثلاثة وعشرين مليون دولار، بينما لم يبع الفنان إبان حياته لوحة واحدة بخمسين سنتاً!!.
هل هنالك من يُوهمني بأن أذواق الناس الفنية «ارتفع مستواها»، مثل أعجوبة من السنتات إلى عشرات الملايين! أم أن اللوحة اُدخلت في دهاء عالم البورصات، وأضحت، سواء بسواء، سلعةً في مزاد حيّ مع كرسي أثري أراح عليه هتلر مؤخرته يوما ما.
الرواية التي يُروّج لأبطالها ومؤلفها، وتصير فيلما، والفيلم الذي تصل إيراداته إلى أرقام فلكية، وألبوم أغاني المطرب أو المطربة، الذي يُحقق مبيعات إعجازية، والمسرحية، وعروض الأزياء، ومشروب الطاقة اللانهائية.. كلها سلع تدين برواجها إلى النظام الاقتصادي العالمي، الذي بدا وكأنه يلوب في هزة عميقة جديدة جراء لعبة سقف الدين الأمريكي.
هل بإمكان المرء أن يشمئز مُبتسماً؟..
الكاتب الإيطالي امبرتو ايكو يُجيب: كلا، إذا كان السخط وليد الخبث والرعب. ونعم، إذا كان وليد الغباء والحماقة.
بعد مئات السنين على قدرة «زرقاء اليمامة» على الرؤية.. لا نرى.. ننظر ولا نرى.. عند بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة، ومُدجّجين بالتقنيات الحديثة المهولة، نحن ننظر.. ولا نرى.
Zuhdi.alfateh@gmail.com