أصدر مجلس الوزراء عام 1974م قراراً ينص على اقتصار تقديم القروض على من لا يملك بيتاً ويستثنى من ذلك أصحاب البيوت القديمة غير الصالحة للسكن والذين يرغبون في هدمها وإعادة بنائها.
وجرى العمل بهذا القرار بحيث يتقدم المواطن للصندوق مصطحباً معه صك أرضه، ويتم تسليمه القرض في مدة لا تتعدى أسابيع أو أشهراً قليلة. وبعد عدة سنوات بدأ مسلسل تأخير تسليم القروض يأخذ وقتاً أطول بسبب تزايد أعداد المتقدمين وتراخي معظم المقترضين عن السداد!
ونتيجة للتأخير في استلام القرض بما يفوق خمسة عشر عاماً؛ يقوم المتقدم ببناء أرضه على مدى سنوات مما يوفره من راتبه أو يقترضه من البنوك التجارية ويستلف عليه من أقاربه وأصدقائه لحين خروج القرض من رحم الصندوق الذي يشترط عدم مرور أكثر من عشر سنوات من البناء برغم أنه هو من يتحمل مغبة التأخير وليس المواطن المغلوب على أمره الذي يضطر إلى رهن منزله لبنك أو شخص ليتمكن من شراء أرض أخرى ويرهنها للصندوق ليسلمه القرض الذي يمر عبر عملية قيصرية تدعى الدفعات بحيث يتم استلام 10% من القرض ثم 50% منه وبعد أن يتم البناء تماماً يستلم الدفعة الأخيرة وقد ركبته الديون أو ركبها لا فرق! وربما يبيع منزله الذي آواه سنوات الانتظار لتسديد ثمن الأرض وإتمام البناء للبيت الجديد! ويبدأ بعدها رحلة طويلة لتسديد قرض الصندوق شهريا!
ولم يكتف الصندوق بتمديد المدة؛ بل قام بإلغاء التحفيز بخصم20%من المبلغ في حالة الالتزام بالتسديد في وقته، وصار يهدد بإلغاء تسليم القرض لمن يثبت أنه يملك مسكناً أو مسجلا باسمه عداد كهرباء! فأصاب الناس الهلع وكأن المبلغ منحة أو هبة أو منِّة، وهو بالواقع قرض معلق في رقبته على مدى ربع قرن. وثبت أخيراً أن القرض لمن لم يمتلك مسكناً ساعة التقديم على الصندوق بما يتفق مع القرار الملكي الآنف الذكر.
وورطة المواطن لا تتوقف على نيل القرض ولكنها تمتد للحصول على قطعة أرض للبناء عليها فقد وصل سعر المتر السكني في مدينة الرياض لما يقارب الألفي ريال، بحيث وصلت مساحة 300م2 إلى ما يزيد عن نصف مليون ريال؛ فالقرض مهما وصل مبلغه لن يحل مشكلة تملك السكن! ولاسيما أن بعض الناس لا تكفيهم مساحة صغيرة بحسب ثقافة توارثوها أو تقليد لغيرهم.
ولأنه كان لوزارة الإسكان تجربة مميزة في بناء أحياء سكنية نموذجية تضم مساكن ملائمة تم بناؤها بطريقة هندسية وإشرافية ممتازة ولازالت صامدة حتى الآن؛ فإنه من المناسب إعادة التجربة في بناء مدن صغيرة نموذجية متكاملة خارج المدن، ويتم تمليكها بالتقسيط بعيداً عن الاجتهادات والبناء العشوائي. فليتها تعيد التجربة لتنهي الجدل في منح القروض أو تخصيص بدل سكن في رواتب الموظفين!
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net