مَدّ: يقول غاندي (الحرية ليس لها قيمة، إذا لم تشمل حرية ارتكاب الأخطاء). ومن باب أولى للإعلام حق التقييم، طالما الحرية تضمن لمرتكبي الأخطاء حق ارتكابها. وبالتالي فالاختلاف في التقييم وفي ظل تلك الحرية: ظاهرة صحية تبعث الفرح والاحتفال.
* في الهلال وخلال ثلاث سنوات قامت الإدارة الحالية برئاسة الأمير عبدالرحمن بن مساعد بعملٍ رائع ومنظم، وغير معتاد على صعيد الأندية السعودية، والمتتبع لأحداث البيت الأزرق ولمؤشر استقراره على الجانبين الفني والإداري سيلحظ أن ذلك المؤشر يرتفع حين يكون سموّه حاضراً مع الفريق عن قرب، يتابع تمارينه، ويطلع على مايدور داخله، ومتواجداً جماهيرياً وإعلامياً لأجل مافيه مصلحة الفريق.. ويظهر ارتفاع ذلك المؤشر على كل ماهو أزرق حتى على جانب الحضور الجماهيري للمباريات وحتى التمارين اليومية للفريق مما ينعكس إيجاباً على مايقدمه اللاعبون داخل الملعب، مع بقاء المؤشر الأزرق في دائرة الارتفاع بتواجد سمو الأمير نواف بن سعد، لكن الهلال يتغيّر حينما يبتعد الرئيس عن الهلال، ويبدو ذلك التغيّر أكثر حدّة حين يغيب الرئيس ونائبه معاً، وبغض النظر عن مدى ذلك البعد وعن أسبابه كذلك، ولعل آخر الشواهد على ذلك الرباعية الأخيرة أمام الأهلي.
* أيضاً في الهلال خللٌ ما، قد يعرفه المطلعون عن قرب على خفايا البيت الهلالي، وقد يتوقعه المراقبون عن بعد، وربما يكون هذا القصور منطقياً كطبيعة أي عملٍ آخر لابد أن يعتريه القصور.. أو بعيداً عن المنطق كاحتمال، وفي الحالتين لايجرؤ الهلاليون على الاعتراف به أو أنهم لايريدون.. على الأقل المدركون لأهمية هذه المرحلة للنادي، ولكن بعد أن ينتهي هذا الموسم أو في بدايات الموسم القادم - إن لم يتم تلافي هذا الخلل - قد يتفقون عليه جميعهم، ويقفون لأجل استمرار الهلال كما هو زعيماً غير قابلٍ للاجتهادات في بيئةٍ تعمل وتحاول تقديم أعمال كبيرة.
نعم، كثيرة هي الإشادات والإطراء التي نالها العمل الإداري في الهلال وخصوصاً على جانب الاحترافية.. إلا أنها إشادةٌ أتت بالمقارنة مع الآخرين المحيطين بالهلال، وهذا لايعتبر مقياساً دقيقاً، فالهلال لايزال يحتاج إلى تطبيق أكثر لتلك الاحترافية، وفي الخفاء والعلن، وبعيدا عن الحديث الإعلامي الذي غالبا مايكون فضفاضا وأكثر لمعانا وتجملا. ويبقى الهلال أمام أي خللٍ غنيا برجالاته وعقوله القادرة على تجاوز كل العقبات والعوائق التي تعترض طريق ناديهم الذي شكلوا تاريخه ورسموا ملامحه الذهبية بعيداً عن العوائد والقيم التي تتعدى بطولات الهلال، وفرحة جماهير الهلال.
* ذهب ياسر، ولكنه بقي ياسر القحطاني نجم من ذهب!
لايضير ياسر - أو أي مبدع آخر - كونه إنساناً له مالكل هؤلاء البشر وعليه ماعليهم، الذي يضير البشر أن يظهروا عكس الحقيقة، أو بزيادة عليها لتبقى صورهم لامعة في المرايا، وإن كانت عادية في أعين الحقيقة، والعارفون بها حتى آثروا الصمت تجاهها.
الإعلام، بأقلامه، وكاميراته، وأدواته المختلفة قادرٌ على صنع الكثير.. والكثير من النماذج الملائكية، وهذه النماذج قد تبقى وتخلّد، وقد تسقط بمرور الزمن إمّا لانكشافها أو لارتفاع درجة الوعي والإدراك لدى المتلقي تماماً مثلما يكرّس المجتمع المفاهيم والأشخاص المشابهة لتلك النماذج، والإعلام جزء من المجتمع.. إن لم يكن أهم مكوناته ومحركاته، ونفسه الإعلام قادرٌ على نسف نماذج مبدعة حتى بلا سبب، وفي الحالتين لا يوجد مقياس عادل للانتقاد أو للثناء ، ويتضح ذلك جليا في المجال الرياضي لكونه شديد التركيز على جوانب لاتستحق التركيز.
* ياسر كموهبةٍ كروية لم يحصل إعلامياً على الوهج والتضخيم الذي مُنح لمن هم أقل منه موهبة، لذا أقول لايوجد مقياس عادل هنا هذا إن لم يجحف بحقه، هناك أناس لايحظون بالتقدير الذي يستحقونه من محيطهم، وحالة هذا الساكن في (عين) المتابعين والهلاليين تحديداً تذكرني بالظاهرة يوسف الثنيّان سابقاً.. والتعاطي مع موهبته، وأعتقد أنه ليس بذنب هذا ولا ذاك، بل للإعلام المعادي دورٌ في ذلك وربما لم يكن التعامل الإداري مع مثل هذه النماذج بالتعامل الأمثل.
* صدمت كغيري من السعوديين - إن صدم أحد- بأن منتخبنا في المركز الـ (98) في التصنيف الدولي الأخير، حينها تخيلت فيما لو كانت المشاركة في كأس العالم تتم حسب ترتيب التصنيف العالمي، وذلك سيعني بأنه حتى لو تم زيادة عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات لثلاثة أضعاف العدد الحالي.. فبالتأكيد لن يكون منتخبنا بين المتأهلين، كان مجرد استنتاج خيالي فيما لو، ولو تفتح للأحلام ألف بابٍ ونافذة.
* عندما أصف الإعلام بالقادر على الدور السلبي أو الإيجابي، فبالتأكيد هو الأداة الأكثر قدرة على إحداث التحوّل وقيادة النقلة السليمة للرياضة السعودية.. فمنه تنطلق الشرارة الأولى لتحقيق الطموحات.
* مشكلتنا الأزليّة تكمن في عقدة الأشخاص، فلا ننظر للأعمال والواجبات المناطة بأولئك الأشخاص، وكيفية قيامهم بها، تماماً كصديقي القديم الذي لاتأتي سيرة أيّ (فيلم) حتى وثائقي..إلا ويبادر بسؤاله العتيق:بطولة عادل إمام!؟ فلديه اعتقادٌ متأصل بأن عادل إمام بطل ومخرج وكاتب جميع الأفلام في هذا العالم.
* طوال تاريخ المنتخب وفي كل مشاركة ولو ودية لابد أن تثار قضية التشكيل والأسماء، فلا يمكن أن نستوعب أن اتفاقنا على كامل التشكيلة أمرٌ مستحيل وعلينا تركه للمدربين، أو حتى للمسئولين.. وعلينا الاهتمام بالنتائج وتقييمها بشكلٍ سليم يساعد اتحاد الكرة على التطوير، لكننا نجيد إثارة الزوابع ومن أوّل الطريق.
* محمد نور لاعب كبير داخل الملعب وإن لم يعد كالسابق وهذا طبيعي، ولكن هل عودة نور ستنهي كل المشاكل الفنية التي يعاني منها المنتخب لينال التأهل، وهل بإعلان اسمه ضمن قائمة (ريكارد) ستتغيّر سلبيات كثيرة وجوهريّة!؟ فقط.. ارحموا الجيل الشاب والناشئ حالياً، فبعد عشر سنوات أو أكثر إما سيلعبون أو يشجعون كرة الوطن لتصل لكأس العالم، ولن يكون معهم حينذاك لا نور ولا سامي، ولاتمارسون تكسير أجنحتهم وأحلامهم، وتسلبوا منهم حقهم في تحقيق مالم يحققه السابقون لهم..فيما لو تهيأت لهم الظروف الملائمة لتحقيق إنجازٍ حقيقي.
جَزْر:
(إذا أردت أن تخلق الأعداء فتميز على أصدقائك، أما إذا شئت أن تكسب الأصدقاء فدع أصدقاءك يتميزون عليك). فيلسوف فرنسي.
* * *
amoaaj2011@hotmail.com*