يعتبر المدير هو المسئول الأول عن تحقيق الأهداف التنظيمية للإدارة التي يشرف عليها. ومن هذا المنطلق فإنه يواجه ضغوطاً مختلفة من أطراف متعدّدة داخل بيئة العمل. وبالتالي فإنّ نجاح أو فشل المدير في مهمته يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرته على التعامل الإيجابي مع هذه الأطراف بطريقة صحيحة. فهو يواجه مطالب الإدارة العليا والتي تتقاطع أحياناً مع مطالب المرؤوسين في مجالات متعددة. كما أنه يواجه ضغوطاً أخرى من قِبل بعض الإدارات في المنظمة، تؤدي أحياناً إلى نشوء صراعات بسبب تداخل المهام الوظيفية، أو بسبب المنافسة التي تحدث بين المديرين لأسباب مختلفة.
ولا شك أنّ المدير الفاشل كغيره من المديرين له أهداف يسعى إلى تحقيقها. كما أنّ له طموحاً يحاول بلوغه. وتجدر الإشارة إلى أنّ المدير الفاشل قد تتوفّر لديه قدرات ومهارات عالية، لكنه لا يوظف هذه القدرات والمهارات في البيئة التنظيمية بطريقة فاعلة تتماشى مع الأنظمة واللوائح. كما أنه لا يستخدم الأساليب الإدارية الراقية أثناء تفاعله مع العملية الإدارية. ومن المعروف أنّ المديرين الفاشلين ليسوا سواء: فمنهم القوي والضعيف والمنبسط والمنطوي والمتسلّط والمركزي، وغير ذلك من الأنماط المعروفة للمديرين، ولكنهم يتماثلون في طريقة ممارستهم لمهامهم الوظيفية سواء على المستوى الشخصي أو التنظيمي.
فمن حيث المستوى الشخصي نرى المدير الفاشل يهتم بالدرجة الأولى بأمور شخصه الكريم، ولا يكترث بأمور الموظفين الذين يعملون معه. ولا يمكن أن يبادر بالتحية لأي من الموظفين، لاعتقاده بأنّ الموظف يجب أن يبادر بالتحية في جميع الحالات والأوقات. كما أنّ لديه حساسية مفرطة من شكر الموظف إذا أدى عملاً يستحق عليه الشكر، لاعتقاده بأنّ هذا الموظف سوف ترتفع روحه المعنوية فيصعب انقياده. ومن الصفات المألوفة للمدير الفاشل أنه يتجاهل الموظف وإن كان متميزاً بطريقة مكشوفة وممجوجة لاعتقاده بأنّ هذا الأسلوب سوف يقوي شخصيته كمدير ويجبر الآخرين على احترامه وتقديره.
أما من حيث المستوى التنظيمي، فإنّ المدير الفاشل يفشل فشلاً ذريعاً أثناء ممارسته العملية الإدارية. فهو لا يضع الموظف المناسب في المكان المناسب ولا يقيّم أداءه بموضوعية. كما أنه لا يقيم وزناً للعدالة والمساواة بين الموظفين في الواجبات والحقوق، وبالتالي فهو يبخس الناس أشياءهم. ومن الملاحظ أنّ المدير الفاشل لا يمكن أن يستشير أحداً من الموظفين الذين يعملون معه وإن كانوا أقدم وأقدر منه، لاعتقاده بأنّ هذا يلحق الضرر به أو يضعف من مكانته. ومن أساليبه الشاذة أنه يكلِّف أحد الموظفين من خارج الإدارة أو من الإدارة نفسها في حالة غيابه عن العمل دون إخبار الموظفين بهذا الأمر ويجعلها مفاجأة لهم في اليوم التالي، اعتقاداً منه بأنّ ذلك يعتبر من دهائه وعبقريته.
إنّ المدير الفاشل ينتهج أسلوباً فريداً من نوعه ويعتبره ناجحاً من وجهة نظره - وإن كان في حقيقة الأمر ليس كذلك - ويتمثل في الموافقة والإذعان لرؤسائه دون مناقشة تُذكر أو دون تردُّد يسبر، حتى وإن كان الأمر يحتاج إلى مناقشة وتدبُّر لاعتقاده بأنّ هذا الأسلوب يقرّبه إلى الإدارة العليا زلفى، وبالتالي يقرّبه من تحقيق أهدافه الكبرى. وبالمقابل فإنّ المدير الفاشل يمكن أن يكون مديراً ناجحاً لو تخلّى عن أساليبه العوجاء وانتهج الأساليب الإدارية المثلى. وأعتقد أنه لو فعل هذا لكان قاب قوسين أو أدنى من بلوغه المراتب والدرجات العلا. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
(*) عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة
Yousefms@ipa.edu.sa