خطى المعارضون للنظام الحاكم في سورية خطوة متقدمة في توحيد صفوفهم للإطاحة بالنظام الذي تجاوز كل الخطوط التي تضمن بقاءه وقبول الشعب السوري له.
وإذ كان تصاعد واتساع مساحة المقاومة للمعارضين داخل سورية واستمرارها وتنوع وسائلها مع تنامي قوتها إلى مستوى المواجهة المسلحة والتي ظهرت بوضوح في مدينة الرستن، تشير إلى إمكانية ظهور بقع مقاومة عسكرية أخرى قد تتحول إلى مناطق مقاومة مسلحة تزيد من أعباء النظام الذي أنهكته المظاهرات والاحتجاجات اليومية التي لم تتوقف منذ أكثر من ستة أشهر، والتي شملت كل المحافظات والمدن السورية، مما أجبر الجيش وقوات الأمن على التشتت لملاحقة تلك المظاهرات، وهذا ما يشكل أعباء كبيرة على هذه الأجهزة التي فرض عليها مواجهة شعبها الذي أُنشئت ووُضعت لحمايته فإذا هي تواجهه بالقتل اليومي، وهذا ما سيشكل عبئاً أخلاقياً وأدبياً إضافيين مما يؤدي في المستقبل القريب إلى إحداث مزيد من الانشقاقات والتخلي عن المهام العسكرية طالما انحرفت عن واجبها الوطني.
اتساع المعارضة في الداخل وتحول المظاهرات إلى انتفاضة منظمة تولتها التنسيقيات في داخل سورية، والسير حثيثاً لصنع ثورة شاملة، كان لابد لها من إطار سياسي يعبِّر عن توجهاتها ومساراتها، وهذا ما دعى رموز الانتفاضة السورية من معارضين في الخارج وناشطين في الداخل لتشكيل إطار مشترك للثورة السورية، ليظهر تكوين المجلس الوطني السوري، الذي عُدَّ هيئة مستقلة تسعى لتحقيق الحرية للشعب السوري.
الهيئة الوطنية التي يطمح جميع السوريين أن تكون وعاءً شاملاً تجمع السوريين الذين يواجهون النظام السوري سواء في الداخل أو الخارج وبالذات تنسيقيات الثورة في الداخل التي تقود المواجهة اليومية مع أجهزة النظام والأحزاب السياسية ذات التاريخ النضالي والشخصيات السورية التي واجهت النظام السوري ببسالة، إضافة إلى الأحزاب التي تمثل الإثنيات والأقليات الأخرى كالأحزاب الكردية والآشورية.
هذا الإطار الشامل كان منتظراً منذ مدة لدعم الانتفاضة السورية، منتظر من الداخل السوري الذي ظهرت من داخله دعوات للمعارضة لتوحيد صفوفها، ومن الخارج من المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي والعربي، ولهذا فإنَّ الاعتراف بالمجلس الوطني السوري آتٍ لا محالة، وهو مرحلة أشد سهولة وتحقيقاً بعد أن تجاوز السوريون في سعيهم للتحرير أهم عقبة، بتأجيل خلافاتهم واجتهاداتهم وتوحيد مواقفهم في هيئة مستقلة تُعَبِّر عن سيادة الشعب السوري وتأكيد رغبته الأكيدة بالانعتاق من حكم نظام جائر.