الخطاب السنوي الذي استهل به خادم الحرمين الشريفين أعمال السنة الثالثة للدورة الخامسة لمجلس الشورى اشتمل على الكثير من المضامين والتوجيهات، وإذ استأثر قراره إدخال المرأة السعودية مجلس الشورى ومنحها حق الترشيح والتصويت في انتخابات المجالس البلدية باهتمام الأعضاء، فقد استأثر كذلك باهتمام المتابعين والمراقبين والمواطنين لأهميته التاريخية؛ كونه يُنصف المرأة السعودية، ويستكمل حقوقها بوصفها مواطنة، لها الحقوق نفسها التي يتمتع بها شقيقها الرجل. وتنبع أهمية القرار من أنه الأعلى سقفاً في المطالب النسائية بالحصول على حقوقهن؛ إذ إن قرار تمكين المرأة السعودية من عضوية مجلس الشورى، المؤسسة السياسية التي تقترح الأنظمة وتقدم المشورة لصناع القرار في الدولة، يعني منح المرأة السعودية الثقة الكاملة، وتمكينها من أداء دورها والإسهام بالمشاركة في تنمية الوطن.
تمتُّع المرأة السعودية بهذه الثقة، ووجودها في مجلس الشورى، يتيحان لها التقدم باقتراحات والنصح في كل ما يهم المرأة، إضافة إلى إسهاماتها في تطوير وتحديث الأنظمة؛ لهذا فإن تمكين المرأة السعودية من الحصول عل حقوقها التي كفلتها الشريعة الإسلامية، ووفق الضوابط الشرعية، سيكون مجرد مسألة وقت؛ إذ إن المرأة السعودية أقدر من شقيقها الرجل في معرفة العقبات والمعوقات التي تُحِدّ من إسهاماتها، والعمل بجد في دفع مسارات التنمية؛ إذ لا شك أن قرار تمكين المرأة من عضوية مجلس الشورى أهم بكثير من إجراءات أخرى توسع من دائرة عمل المرأة، وتفتح الآفاق أمامها للتمتع بحقوقها وفق الضوابط الشرعية، وتلغي هيمنة المجتمع الذكوري على النشاط النسوي النافع، بما في ذلك حرية السفر مع عائلتها وأولادها، خاصة بالنسبة للمطلقات والفتيات الراشدات اللاتي أنهين تأهيلهن العلمي والثقافي، ومساواتها مع شقيقها الرجل في المسائل الأخرى التي لا تتعارض مع الضوابط الشرعية كقيادة السيارات وإدارة الأعمال التجارية والخاصة دون الحاجة إلى وكيل ينيب عنها في متابعة أعمالها الخاصة.
كل هذه الحزمة التي ما فتئت النساء السعوديات يطالبن بها ستكون مجال اهتمام العضوات القادمات لمجلس الشورى القادرات على توضيح الموقف السليم والشرعي في هذه المسائل، وشرح الأسباب والموجبات التي تعضد وتعزز مطالبات المرأة للتمتع بها.
فالمرأة السعودية، ومن خلال عضويتها في مجلس الشورى والمجالس البلدية في عموم المملكة، ستكون عوناً - بلا شك - في توضيح ما غاب وما يلتبس على زملائها من الرجال. وبقدر ما تكون التوضيحات والتفسيرات واضحة ومقنعة ومتوافقة مع الضوابط الشرعية تكون المرأة السعودية قد استكملت تحقيق مطالبها المتوافقة مع حقوق المرأة المسلمة، وهنا تكمن أهمية قرار عضوية مجلس الشورى وأفضليته على القرارات الإجرائية التي تثار المطالبات في شأنها بين الحين والآخر.