ظهر مصطلح القوة الناعمة للتعبير عن القوة التي تركز على الوسائل الدبلوماسية والسلمية في تحقيق أهدافها، وقد استخدم هذا المصطلح في الكتابات الأكاديمية كترجمة مباشرة لمصطلح Soft Power المقابل لمصطلح hard Power والذي يعني القوة العسكرية الصلبة.
وعلى الرغم من استخدام أدوات هذا المصطلح قديماً تحت مسميات عديدة مثل الدبلوماسية، والحوار الفكري، والإقناع والتفاوض، وغيرها من العبارات، إلا أن أول من استخدم لفظ القوة الناعمة هو (جوزيف ناي) الذي شغل منصب مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية حتى عام 1995م.
وكان في تعريف (جوزيف ناي) للقوة الناعمة بأنها (القدرة على التأثير في الأهداف المطلوبة، وتغيير سلوك الآخرين عند الضرورة والحصول على ما تريد من خلال الإقناع وليس الإكراه) كان فيها استبعاد للعقوبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
وبناء على هذه النظرية، تستهدف القوة الناعمة ترويج حضارة الدولة وثقافتها محليا ودولياً بشكل يبرز جاذبيتها ويزيد من قبولها على المستويين المحلي والدولي، وحل المشكلات بالوسائل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بعيداً عن القسر والإجبار، والتوفيق بين السياسات العامة الداخلية والخارجية، وكسب التأييد الشعبي الواسع للسياسات الحكومية وإجراءاتها، والتركيز على الأيديولوجية والقيم، والتعامل مع الأزمات بكفاءة وفعالية.
وبناء على هذه المضامين فإن اكتساب القوة الكاريزمية على أي مستوى يفترض مصادر قوة حصرها (جوزيف ناي) في ثلاثة هي:
1 - الحضارة والثقافة.
2 - القيم والسياسات المحلية.
3 - السياسات الخارجية.
ولكن أغلب مصادر القوة الناعمة ليست تحت سيطرة الحكومة، لأنها كثيراً ما تعتمد على الجمهور المتلقي، وغالباً ما نعمل بصورة غير مباشرة فنظام القوة الناعمة في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، يتركز على النمو الاقتصادي، والديمقراطية وحقوق الإنسان، والتعبير عن القيم من خلال السياسات الداخلية والخارجية، واجتذاب السياح، ومنح حق الإقامة الدائمة المنتهية بالتجنس لخمسين ألف فرد من مختلف دول العالم كل عام، والمساعدات الإنسانية والتنموية، والمنظمات الطوعية العابرة للحدود، والتقدم العلمي والتقني، وقوة الإعلام المصدر للقيم الأمريكية، وتعزيز مصداقية الدولة وإضعاف مصداقية الخصم، بينما يرتكز نظام القوة الناعمة في اليابان، مثلا، على: غزارة التصنيع وجودته، والمثابرة على العمل، والالتزام العام بالأخلاق والقيم، ومخرجات التعليم العالي.
وإذ تنبع القوة الناعمة من الحضارة والسياسات والقيم، فإن مصادر قوتها يرتكز على الخصائص الثقافية المشتركة والعادات والتقاليد، وعلى القومية كشعور متبادل بين الأفراد يشعرهم بالولاء للوطن، وعلى اللغة كرابط معنوي، وعلى الدين كمزيل للانقسامات الاجتماعية.
كما ترتكز القوة الناعمة على القيم الدولية المتعارف عليها في المجتمع الدولي كالسلام وحسن الجوار والديمقراطية والعدالة والشفافية، وكفاءة أجهزة صنع القرار، والمشاركة السياسية، والمساندة الشعبية، والحريات العامة، واحترام حقوق الإنسان، وعلى القدرة الإعلامية محلياً وخارجياً.
وفي الوقت نفسه، لا يمكن التغافل عن القدرات المادية المتمثلة في القوة الاقتصادية، والعسكرية، والجغرافية، والديموغرافية، والتقنية.
وما يربط بين القوة الناعمة والقوة الصلبة هو القوة الذكية smart Power التي تجمع بين مصادر القوتين إذ إن القوة الصلبة تجعل القوة الناعمة فعالة، وهذه العلاقة ترابطية لا تكون إحدى القوتين فعالة في غياب الأخرى.
مكامن القوة الناعمة للمملكة العربية السعودية
تطبيقا لمضامين القوة الناعمة على المملكة العربية السعودية نجد ما يلي:
البعد الديني والحضاري:
للمملكة وحدة حضارية وتاريخية، حيث تعد منبع العروبة ومهد الإسلام، وتضم الحرمين الشريفين حيث يتجه إلى الكعبة المشرفة خمس مرات يومياً أكثر من 1300 مليون مسلم، مما يعطيها مكانة دينية بين الشعوب الإسلامية وأي اعتداء على المملكة يعد اعتداء على الإسلام مما يضفي عليها حماية دولية عريضة.
ويوجد في المملكة أكبر مطبعة لطباعة المصحف الشريف، كما يوجد بها مقرات عدد من المنظمات الإسلامية المهمة، ومنها: منظمة المؤتمر الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، ورابطة العالم الإسلامي، والندوة العالمية للشباب الإسلامي. وعملت المملكة على بناء جسور التعاون والتواصل مع الدول الإسلامية والجاليات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، ونشرت الدعوة والثقافة الإسلامية والتعليم في تلك البقاع من خلال إنشاء المساجد والمراكز الإسلامية والمدارس والمعاهد التي بلغت أكثر من 210 مراكز إسلامية وحوالي 1400 مسجد، و1000 مدرسة في جميع بقاع العالم، ومن أكبر هذه المساجد والمراكز في قارة آسيا مسجد الملك فيصل في اسلام أباد عاصمة دولة باكستان الشقيقة والذي يحتوي على جامعة إسلامية ملحقة به ومعهد للبحوث، ومركز الملك فهد في جزر المالديف، وفي أوروبا هناك الكثير من المساجد والمراكز الإسلامية منها مسجد الملك فهد في أدنبرة بإسكتلندا وفي قارة إفريقيا مسجد ياوندي في الكاميرون ومركز الملك فيصل في كوناكري بغينيا وفي الولايات المتحدة الأمريكية مسجد عمر بن الخطاب في لوس أنجلوس، والمركز الإسلامي بواشنطن وغيرها في معظم الولايات المتحدة الأمريكية والكثير من دول العالم المختلفة.
البعد السياسي:
ترتكز السياسة الخارجية السعودية على مبدأ السلام وحسن الجوار والواقعية في التعامل مع الأزمات الإقليمية والدولية، واحترام القوانين والمواثيق الدولية واستخدام هذه القوانين كورقة ضغط لحل المشكلات ما أكسبها رصيداً كبيراً من المصداقية في تعاملها مع فن الممكن في علاقاتها الدولية ومبادراتها السياسية مما يوفر الجهد ويقلل الثمن ويحقق الأهداف المنشودة، هذه الحقائق أكسبت المملكة العربية السعودية ثقة العالم فيها كدولة جادة، رصينة، بعيدة في سياستها عن الهوى والانفعال، فالمملكة منذ تأسيسها، لم تكن دولة بادئة بالعدوان، وكانت تدفع أعراض التوتر في العلاقات بضبط النفس كما لم يكن في سياستها أيضاً أن تلج نفسها في مواقف قد تنتهي بها التصعيد إلى إرباك علاقاتها مع الآخرين.
فهي الدولة المسلمة، المؤتمنة على خدمة الحرمين الشريفين ورعاية الحجيج، قضى قدرها أن تظل في وئام وسلام مع جميع الدول الإسلامية ومن أهم التفاعلات السعودية في البلدان العربية دور المملكة البارز والمميز في دعمها السياسي المستمر لنصرة القضية الفلسطينية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته لبناء دولته المستقلة لذا تجدها تتبنى جميع القرارات الصادرة من المنظمات والهيئات الدولية المتعلقة بهذه القضية وتشارك في العديد من المؤتمرات والاجتماعات الخاصة بها ابتداء من مؤتمر مدريد وانتهاء بخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ولا تزال المملكة تبذل جهوداً حثيثة واتصالات مكثفة مع الدول الغربية والإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل لإلزامها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تنص على الانسحاب الكامل من كافة الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967م ومطالبتها الدائمة للمجتمع الدولي بالتدخل لوقف الاعتداءات الإسرائيلية العدوانية المتكررة ضد الشعب الفلسطيني، كما كان للمملكة دور بارز في الأزمة اللبنانية والأزمة العراقية.. الخ.
البعد الاقتصادي:
تمتلك المملكة العربية السعودية احتياطياً يقدر بـ265 مليار برميل من البترول وهذا يمثل 20 في المائة من احتياطي البترول العالمي، وتعتبر المملكة الأولى عالمياً في مجال تصدير البترول حيث تصدر يومياً أكثر من 7 ملايين برميل من النفط الخام بالإضافة للمنتجات البترولية، وهذا يشكل 15 في المائة من الصادرات العالمية، كما تلعب المملكة دوراً أساسياً في منظمة الأوبك، وتراعي في سياستها مصالح كل من المنتجين والمستهلكين وتؤكد المملكة دائماً على عدم استخدام البترول كسلاح ضد الدول المستهلكة، وتحرص على استقرار السوق البترولية من أي زيادات تضر بالاقتصاد العالمي.
أما على صعيد المساعدات التي تقدمها المملكة فقد بلغ إجمالي ما قدمته المملكة من مساعدات إنمائية خلال الفترة بين (1973 - 2009م) أكثر من 90 مليار دولار، استفاد منها 95 دولة نامية، فعلى سبيل المثال وقفت المملكة ولا تزال بجانب الشعب البوسني وقدمت له كافة أشكال الدعم السياسي والمادي واهتمت اهتماماً عميقاً بمشكلة اللاجئين الأفغان، ودائماً ما تبادر حكومة المملكة وشعبها إلى نجدة ضحايا الكوارث الطبيعية في العالم والتعاون مع حكومات تلك الدول في إعادة تعمير المناطق المتضررة وتنفيذ مشروعات اجتماعية وحضرية فيها.
وتسهم المملكة بشكل فاعل في المنظمات الاقتصادية الدولية حيث إنها عضو في المجالس التنفيذية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بحصة تصويت 3.16 في الصندوق و2.79 في المائة في البنك الدولي، وهذا يمثل سابع أكبر حصة في مساهمات الصندوق والبنك بعد الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين، الأمر الذي أهل السعودية لأن تكون الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين، وهو ما يدعم قوة المملكة الناعمة دولياً.
البعد الجغرافي:
تستأثر المملكة من حيث القدرة الجغرافية بثلاثة أخماس الجزيرة العربية وموقع إستراتيجي متميز بين ثلاث قارات كبرى، وتقع على أهم البحار (الخليج العربي، والبحر الأحمر) وعلى مقربة من أهم الممرات المائية الدولية وهما مضيق هرمز، ومضيق باب المندب، وتمثل مجال عبور جوي بين الشرق والغرب، كما تمثل المملكة بحكم موقعها الجغرافي وثقلها الاقتصادي والسكاني المحور الرئيسي في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودوراً مهماً في منظومة الدول العربية.
الإستراتيجية الناعمة في مكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية:
تحظى التجربة السعودية في مجال مكافحة الإرهاب باهتمام كبير من قبل العديد من مراكز الأبحاث الغربية، فقد حققت المملكة نجاحات كبيرة في مجال الحرب على الإرهاب، وهذا النجاح يعود في جانب كبير منه إلى القوة الناعمة التي انتهجتها المملكة والتي تتعامل فيها مع الإرهاب من منطلق شمولي يأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للظاهرة الإرهابية، انطلاقاً من قناعة بأنه لا يمكن تجفيف منابع التطرف من خلال الوسائل الأمنية التقليدية وحدها، بل لابد من مواجهة فكرية لتصحيح تلك الأفكار المتطرفة التي تتنافى مع القيم الإسلامية.
وفي هذا الإطار أصدرت مؤسسة (كارنجي) للسلام الدولي دراسة مفصلة تناولت الاستراتيجية (الناعمة) التي اتبعتها المملكة العربية السعودية لمكافحة الإرهاب وكانت الدراسة حصيلة نقاش تحدث فيها كل من (كيرستوفر بوشيك) من المعهد الملكي للدفاع والدراسات الأمنية في لندن و(ديل ديلي) منسق مكافحة الإرهاب في الخارجية الأمريكية وباحثون من (مركز كارنجي).
وأشارت الدراسة إلى أن الاستراتيجية السعودية اعتمدت على ثلاثة مقومات رئيسة وهي:
أولاً: البرامج الوقائية: وتشمل النشاطات والبرامج التثقيفية التي تقوم بها وسائل الإعلام وخطباء المساجد وفي المدارس للوقاية من مخاطر التطرف وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الشباب.
ثانياً: إعادة التأهيل: حيث يتم إعادة تأهيل وتثقيف المتطرفين والمتعاطفين معهم من خلال نقاشات دينية مكثفة لفك ارتباطهم بالتطرف والمعتقدات الإرهابية وأهمها عقيدة التكفير، لأن الدولة تنطلق من قناعة بأن هؤلاء الإرهابيين تعرضوا للكذب والتضليل من جانب المتطرفين كي ينحرفوا عن الإسلام الحقيقي.
وتعتبر اللجنة الاستشارية» في وزارة الداخلية برئاسة الأمير محمد بن نايف، هي المسؤولة عن برنامج الإرشاد، وتتألف من حوالي 150 عالماً سعوديا وأستاذاً جامعيا يقدمون النصح والإرشاد للسجناء.
ثالثاً: مرحلة النقاهة: وتتكون من برامج للمعتقلين تسهل عودة انخراطهم في المجتمع، وبرامج لإعادة دمج العائدين من معتقل جوانتانامو في المجتمع، وهي مرحلة انتقالية بين السجن وإطلاق السراح، حيث من الممكن الإفراج عنهم بشكل مؤقت ليوضعوا تحت رعاية عائلاتهم.
رابعاً: الدعم الاجتماعي: حيث يتم تلبية الحاجات الاجتماعية للمعتقل بعد الإفراج عنه، وتقديم المساعدة لهم للحصول على عمل، وتشجيعهم على الاستقرار والزواج وإنجاب الأطفال وتغطية النفقات الضرورية لهم.
وقد حققت هذه الاستراتيجية الناعمة في التعامل مع الإرهاب نجاحا باهراً، حيث يعتبر هذا البرنامج أفضل برنامج مضاد للتطرف في العالم من حيث الشمولية والاستمرارية، ويدل على ذلك أن سنغافورة حيث عملت برنامجاً لمكافحة الإرهاب، اعتمدت جزئياً في عملها على التجربة السعودية.
المحددات والعراقيل التي تعيق القوة الناعمة السعودية وتضعفها:
مع وجود الكثير من المقومات التي أكسبت المملكة العربية السعودية لأن تكون قوة ناعمة، إلا أن هناك بعض الأمور التي أضعفت تلك القوة من بينها ما يلي:-
- تركت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م التي استهدفت أهم معالم الحضارة الأمريكية وبعض الأحداث الإرهابية التي وقعت في مختلف دول العالم أثرا سيئا على سمعة الدين الإسلامي بشكل عام وعلى سمعة المملكة العربية السعودية بشكل خاص، وذلك بسبب اتهام مواطنين سعوديين بأهم القضايا والتنظيمات الإرهابية، وبسبب قيادة المملكة للعالم الإسلامي. ومهما كانت الأسباب التي نتج عنها الإرهاب، فقد خلف ذلك عراقيل أضعفت إلى حد كبير القوة الناعمة السعودية في الغرب، وعانت القيادة السعودية والشعب السعودي من تلك العناصر الإرهابية التي لبست ثوب الإسلام عند تنفيذ أعمالها الشريرة، مما جعل المملكة تواجه تحديا كبيرا في الدفاع عن الإسلام وما نسب إليه من أعمال تتنافى مع قيمة الإنسانية في الوقت الذي برزت فيه ظاهرة صدام الحضارات، وتصدت المملكة بحكم مكانتها ودورها القيادي في العالم الإسلامي لهذا الطرح الذي يوجد العداوة والبغضاء بين الشعوب، بطرح بديل يتمثل في الحوار بين الأديان وتعزيز قيم المحبة والسلام، وقد سعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- لفتح صفحة جديدة في تاريخ البشرية تتمثل في التركيز على المشترك الإنساني بين أتباع الأديان والثقافات، وإبراز القيم النبيلة في كل دين، واحترام خصوصية كل معتقد وثقافة، وقام الملك عبدالله بزيارة البابا في مقره في الفاتيكان وهو بذلك يكون أول ملك من ملوك المملكة العربية السعودية يبادر إلى هذه الخطوة الغنية بالدلالات، وليسكت بذلك أيضاً أصوات المغالين في عدائهم للإسلام واتهامهم للمسلمين بكرههم لغير المسلمين.
- أكد تقرير مؤشر مدركات الفساد للعام 2009م الصادر عن منظمة الشفافية الدولية أن السعودية حققت المرتبة (80) دولياً والثامنة عربياً وخليجياً في مؤشر إدراك الفساد. ومؤشر مدركات الفساد هذا يقيس مستويات الفساد في القطاع العام، وهو مؤشر مركب يعتمد على الدراسات الاستقصائية المتخصصة والمسوحات التجارية.
- ضعف محتوى وسائل الإعلام التي يمتلكها مستثمرون سعوديون، من حيث نشر القيم النبيلة وخدمة السياسة السعودية وإظهار إنجازاتها الديبلوماسية، ومواكبة التحركات والمساعدات التي تقوم بها المملكة في العالم على كافة الأصعدة.
- ضعف الأنشطة والفعاليات الهادفة الموجهة للشباب.
- الهوة بين التعليم والواقع والممارسة وارتفاع معدل البطالة بين الجنسين.
- ضعف الشفافية والمساءلة.
- ضعف البحث العلمي وبراءات الاختراع.
- الاعتماد على التقنية المستوردة.
- الأثر السلبي للبيروقراطية في إبطاء الاستجابة للتطورات والقضايا المعاصرة.
- ضعف النشاط الثقافي الذي يخاطب حضارة المجتمع وثقافته، وهنا نثمن المبادرة التي قدمتها الهيئة العليا للسياحة التي يرأسها الأمير سلطان بن سلمان في إقامة معارض «روائع آثار المملكة العربية السعودية» في عدد من العواصم الأوروبية آخرها كان المعرض الذي أقيم في متحف الرميتاج الروسي.
ولعل في هذه المحددات وغيرها ما يضعف القوة الناعمة السعودية على الرغم من أن مقومات القوة أقوى بكثير من المحددات وبإمكان المملكة بسط قوتها الناعمة بشكل أكثر فعالية وانتشاراً لو جندت لذلك خبراء يدركون بالفعل دور القوة الناعمة في الحصول على أعلى المراتب الدولية.
لذلك، نقترح أن تنتهج المملكة ما يلي:
أولاً: على المستوى السياسي والاقتصادي:
- اتخاذ السياسات والتدابير اللازمة لدعم وتوثيق الصلات بالدول العربية الإسلامية من خلال تحويل اللقاءات الثنائية التي كانت تتم بين قادة المملكة وقادة الدول العربية والإسلامية إلى لقاءات تآلف ومحبة بين الشعوب، لأن تلك الاجتماعات التي تتم بين القادة خلال القمم العربية واجتماعات الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي لا تمثل سوى فرص ضيقة لا تلمس الشعوب ثمرتها.
- الاهتمام بالجاليات الأجنبية في المملكة، المسلمة منها وغير المسلمة، وحل مشاكلها، وإزالة العزلة الاجتماعية التي تعيش فيها، حيث تمثل هذه الجاليات أهم معيار لنقل صورة المملكة إلى شعوبها، فأي معاملة حسنة تجاهها تزيد من رصيد القوة الناعمة للمملكة، وأي تهميش لها يضعف من رصيد قوة المملكة القابضة.
- مساعدة الشعوب العربية والإسلامية بشكل مباشر وليس من خلال قادتها الذين غالباً ما يحولون المساعدة التي تصل إليهم من مختلف الدول إلى استخدامات أخرى لا تستفيد منها الشعوب.
- زيادة التعاون الاستراتيجي مع دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بتذليل المشكلات التي تواجه مشروع الاتحاد الخليجي المشترك والمضي قدماً في استكمال خطوات هذا المشروع.
- إعطاء أولوية لتنفيذ المشروعات الاقتصادية اللازمة في البلدان الإسلامية حتى لا تتدهور اقتصاداتها، وبالتالي تكون عرضة لنمو حركات التطرف والإرهاب حيث إن الإرهاب ينشأ في ظل تواجد العديد من العوامل الدافعة لنموه وأهمها الركود الاقتصادي وتفشي البطالة والجهل بأمور الدين وغيرها.
- زيادة الاستثمار في البحث العلمي، وتطوير الخدمات العامة وعلى رأسها الصحة والتعليم، ورفع كفاءة الأجهزة الحكومية وتفعيل دور جمعيات حقوق الإنسان.
ثانياً: على المستوى الديني:
- السعي نحو وضع منظومة متكاملة وحزمة من الخطط التنفيذية والبرامج اللازمة لنشر العقيدة الإسلامية الصحيحة التي تولد الفكر الصحيح، وتفعيل دور هيئة كبار العلماء لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي يروجها أصحاب الفكر المنحرف والمتطرفون سواء دينيا أو علمانيا.
- توضيح معالم المذهب السلفي الذي تتجاذبه مختلف السياسات والتفسيرات في مختلف العالم وتنعته بأبشع الصور وتفسره بأبشع التفاسير المنحرفة حتى في الدول العربية والإسلامية نفسها، وذلك كله في غياب علماء الدين السعوديين الذين يستنكثون عن متابعة القنوات الفضائية لمشاهدة ما ينعتون به من أوصاف وتشابيه، وما يحاك ضدهم من مؤامرات وتشويه.
رابعاً: على المستوى الاجتماعي
- إنشاء قنوات فضائية ناطقة بمختلف اللغات الأجنبية يكون الهدف منها مخاطبة شعوب العالم والتغلغل فيها بمحاسن الدين الإسلامي والقيم العربية، مع توظيف إعلام هادف يناقش مشاكل المسلمين في مختلف دول العالم غير الإسلامي وتوعيتهم بالتعامل الأمثل مع الغير.
- الحاجة لإيجاد صناعة سينمائية منضبطة تنشر القيم الإسلامية وتوضح للعالم تاريخ الإسلام والمسلمين وتاريخ المملكة العربية السعودية فالإعلام المرئي الآن من أكثر مصادر القوة الناعمة في الغرب والمصدر الأساسي للقيم الغربية من حيث الأفلام السينمائية التي تنشرها في بقاع العالم ويشاهدها ملايين البشر.
- ضرورة احترام حقوق المقيمين في هذه البلاد، وتوعية السياح السعوديين بأنهم يمثلون بلدهم، من شأنه أن يدفعهم إلى جعل سياحتهم وإقامتهم في مختلف البلدان قوة ناعمة في نشر السمعة الطيبة والقدوة الحسنة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن القيم الخلقية للإسلام وأهله عند أصحاب الثقافات الأخرى.
- الاهتمام بالتعليم في البلدان الإسلامية، وإيفاد دعاة ووعاظ إلى الدول غير الإسلامية وزيادة عدد معاهد اللغة العربية بالتوازي مع الإسهام في البنية الاجتماعية والثقافية داخل تلك المجتمعات من خلال احترام ثقافات تلك الشعوب وعاداتها وتقاليدها وعدم التصادم مع معتقداتها مع التدرج في إزالة الأفكار الضالة والهدامة والمعادية للدين الإسلامي.
(*) عضو هيئة التدريس بكلية الملك عبد العزيز الحربية