اليوم الوطني الذي عشناه يوم أمس هو الحادي والثمانون من عمر الدولة السعودية الثالثة، وهي ذكرى التوحيد، فبعد أن كافح الملك عبدالعزيز أكثر من ثلاثين عاماً، وجاهد في سبيل إحقاق الحق ونشر الفضيلة وهدم أصنام الوثنية التي علقت في بعض ممارسات
شعبية في بعض المناطق، ثم وحد بينها وأسس الدولة العصرية الحالية، اتفق علماء وأعيان المناطق على إطلاق اسم المملكة العربية السعودية اسما لهذه البلاد، وكان ذلك في 23 سبتمبر قبل واحد وثمانين عاما، وهو الذكرى التي نحتفل بها عاما بعد عام.. كل عام والوطن بخير..
***
كل دول العالم تحتفل بأيامها وأعيادها الوطنية سواء كان عيد الاستقلال من تحت الاستعمار أو عيد توحيد تلك البلدان بعد حروب ومعارك، وتظل جميع الدول تحتفل في هذه الأيام بمختلف مظاهر الاحتفال من مهرجانات واحتفالات وعروض وأحداث ابتهاجية.. وجميعها تصب في هدف تذكير المواطنين بأهمية هذا اليوم على صعيد الوطن وعلى صعيد الفرد.. وفي جميع الدول يكون يوم الاستقلال أو التحرير أو يوم التوحيد هو يوم إجازة رسمية في تلك البلدان.. وقد انضمت المملكة إلى ركب إجازات اليوم الوطني مؤخراً باحتسابه يوم عطلة رسمية للدولة..
***
ما نشاهده من مظاهر وطنية تعكس حب الناس للوطن وللمليك والبلاد قبل وخلال اليوم الوطني يعطينا سعادة غامرة بأن هذا الوطن بخير، وأبناؤه وبناته هم مواطنون يعشقون بلادهم ويفرحون في يوم وطنهم، ويبتهجون باحتفالات يومهم الغالي.. أطفال وكبار.. رجال ونساء.. ومن كل الأطياف وفي كل المناطق يحتفلون في هذه المناسبة بمختلف المظاهر.. سواء في الساحات العامة، أو في الأسواق أو في الطرقات أو المدارس والجامعات والهيئات الحكومية وفي الشركات والمؤسسات الخاصة وفي السفارات والملحقيات السعودية في الخارج.. وفي الأندية الطلابية السعودية في مختلف دول العالم.. وكذلك في احتفالات خاصة في جامعات عالمية نجد حضور اليوم الوطني في كل هذه الأماكن وفي غيرها..
***
اليوم الوطني هو مجرد ذكرى تمر علينا في أربع وعشرين ساعة، ولكن معناها يتجاوز الساعات، ويتعدى حدود الزمن الحالي إلى صفحات التاريخ، وعبر الماضي، وشموخ المكان.. اليوم الوطني ليس إلا محاولة رسمية لاختزال تاريخ عريق وأحداث كبرى في يوم واحد، ليتفكر المواطنون ويستفيدون العبر ويقدرون شخصيات وطنية أسست كيان هذا الوطن وبنته شامخاً بين الأوطان.. وعندما يمر بنا يوم الوطن يجب أن نستعيد ذكريات الماضي وسنوات التأسيس والمعارك والحروب التي خاضها الوطن من خلال رجاله في سبيل توحيد الكيان وتأمين الحدود ولم الشمل وتوحيد الكلمة في كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله وفي وطن واحد هو المملكة العربية السعودية..
***
في يوم الوطن.. يدور أحياناً في أذهاننا تساؤل.. ما ذا قدم لنا الوطن..؟ ولكن رغم مشروعية التساؤل إلا أنه يجب أن يسبقه تساؤل أهم.. وهو ما ذا قدمنا نحن للوطن؟ وكل منا يعمل من خلال عمله ومسؤولياته واختصاصاته في سبيل خدمة هذا الوطن.. ولكن يجب أن تتضاعف الجهود وتتنامى الأفكار والأعمال حتى نصل بوطننا إلى أفضل حالاته ونرتقي به إلى مصاف الدول المتقدمة.. يجب أن نتعلم أن نفني حياتنا في سبيل الدفاع عن هذا الوطن ونقف سداً أمام عداوات الدول والمؤسسات والأفكار التي تحاول أن تعصف بنا وتعصف بوطننا.. وما أكثرها على مر العقود والسنوات، ولكنها ولله الحمد باءت جميعها بالفشل بفضل الله ثم بفضل حكمة قيادة هذه البلاد وتضافر جهود المواطنين والتفافهم حول قيادتهم ووطنهم..
***
اليوم الوطني هو يوم الوطن.. يوم توحد كيان الدولة والتف المواطنون في كل الأماكن والمناطق تحت راية التوحيد ولواء الملك عبدالعزيز.. ونعيش اليوم في عهد زاهر ومجتمع وافر وكيان مزدهر نتاج ما بناه لنا المؤسس وشيده الباني.. ولو شطحنا في التفكير قليلا لنتخيل كيف كانت هي الأحوال لو لم يستطع الملك عبدالعزيز أن يوحد هذه الأرض ويجمع أقوامها وجماعاتها؟ لا نعرف كيف يمكن أن تكون عليه هذه البلاد اليوم دون أن يكون تحت مظلة دولة عصرية كالمملكة العربية السعودية.. ولكن الذي ندركه ونعلمه أن إرادة الله فوق أي إرادة ومشيئته فوق كل مشيئة، فقد أراد الله ووفق عبدالعزيز بن عبدالرحمن أن يوحد ويبني هذا الكيان، لتكون هذه الدولة بقيادتها وأبنائها وبناتها هي ساهرة على خدمة بيت الله الحرام ومسجد نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم.. أراد الله أن يعم الأمن والاستقرار ربوع هذه الدولة وينعم الناس بالخير والازدهار والرفاه في ظل كيان ومؤسسات هذه البلاد.. فحمد لله تعالى على ما نحن عليه، وشكراً لله أن منّ علينا بالإسلام والسلام والأمن والاستقرار.
(*) رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال،
المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa