ذات يوم حضر إلى جدة صديق حميم لقضاء جزء من إجازته.. حيث كان يعمل حينها في إحدى سفارات المملكة في أوربا.. ومن فرط الترحاب به ألححت عليه أن يحضر مباراة كرة قدم لشباب ناديين كبيرين.. وكنت وقتذاك لا تفوتني أية مباراة حتى ولو كانت في إحدى الألعاب غير الجماهيرية كتنس الطاولة ونحوها.

وعندما أخذنا موقعنا في (المنصة) بين جمهوري الفريقين المتباريين.. وقبل أن تبدأ المباراة بوقت طويل كان كلٌ من جمهور الفريقين يتبادلون الهتافات المسيئة والتي تنال من الفريق المنافس.. فيردّ عليهم جمهور الفريق الآخر بأقذى السباب والشتائم.. يقود كل فئة كبير المشجعين وهو حامل لمكبِّر صوت من النوع المزعج الذي يصم الآذان.. وقد اشرأب عنقه وجحظت عيناه من فرط الحماس.

صديقي هذا ليس له في تشجيع الأندية وكرة القدم أي شأن.. وقد لاحظت عليه الضيق الشديد من تلك الهتافات.. ومن حرارة الجو ومن الضجيج غير المعقول، الذي أصبح وسطه لا يقوى على عمل شيء غير توجيه التقريع واللوم لي.. ولحظّه العاثر.. رغم أني كنت أهوّن عليه الأمر وأؤكد له بأنه مع بدء المباراة سينصرفون لمتابعة المباراة ويقل الضجيج وبالتالي يختفي الكلام البذيء.. خاصة والأغاني التي يشنفون بها آذاننا ليس لها علاقة بكرة القدم من قريب أو بعيد.. إنما هي على شاكلة (أنا وحبيبي على .....).. و(مر علي قمري في عصرية يا بابا) مما يمثل البيئة المتردّية التي يعيش فيها رئيس كل من الرابطتين في ذلك الحين.

بعد بدء المباراة بنصف ساعة احتسب الحكم ضربة جزاء لأحد الفريقين.. فإذا بجمهور الفريق الآخر يوجّهون أقذى وأشنع العبارات لحكم المباراة، مما جعل صديقي يهب ناهضاً ويحث السير خارجاً من الملعب فتبعته وهدّأت من غضبه الذي بلغ مداه.. مما اضطرني لمرافقته خارجاً.. ووجّه لي لوماً شديداً على الموقف الذي وضعته فيه.. ومن ذلك اليوم اقتصر حضوري على مباريات الفريق الأول فقط.

تذكّرت ذلك الموقف مع الصديق العزيز الأستاذ محمد بن سليمان البطاح، وهو يعمل الآن في سفارة خادم الحرمين الشريفين في كندا.. وكان يعمل حينها في السفارة السعودية بسويسرا.

أكرر تذكّرت ذلك الموقف عندما تم اتخاذ قرار منع مكبّرات الصوت في الملاعب.. فبالإضافة لمنعها من قِبل الاتحاد الدولي والقاري لكرة القدم.. كان علينا منعها قبل أن تمنع المنع دولياً وقارياً بسنوات.. لأنها وسيلة لبث أقذى العبارات.. وأسفه الكلام.. وهي سيف مسلّط على رقاب نجوم الكرة والحكّام.. وهي تبث كلمات سوقية ما أنزل الله بها من سلطان داخل بيوتنا ومجتمعاتنا.

أما الألتراس فهي كلمة إيطالية (ultras) وتعني التشجيع الفعّال.. كما أنها قد تفسّر بالتعصُّب والتطرُّف.. وهي من الناحية الجمالية والحضارية أرقى من روابط التشجيع ومن أغانيهم الهابطة.. لذا وجب دعمها.. كما يجب عدم الالتفاف على قرار منع مكبّرات الصوت خاصة وأنني أذكر جيداً أنّ صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - قد وجّه بمنع المكبّرات ومنع وضع لاقطات الصوت بالقرب من روابط الجمهور ليحفظ حشمة البيوت - رحمه الله وغفر له - وإنما مع مضي الأيام التفوا على ذلك التوجيه الكريم.. فهل من قرار حازم يصحح اعوجاج حقب من الإزعاج والبذاءة.. ولنضمن عدم إعادتها.. إننا لذلك القرار لمنتظرون!

نبضات!!

• ضربتا جزاء أوضح من الوضوح نفسه للهلال في مباراته مع الشباب.. لم يحتسبها الحكم خليل جلال.. والكرت الأصفر الثاني لإيمانا ليس صحيحاً.. وهو لم يكن منصفاً منذ بداية المباراة، فقد تمّت مخاشنة الفريدي وإيمانا والعربي وهو (مطنش).. وهذا الحكم - هداه الله - أصبح معروفاً بجرأته ضد الهلال فقط منذ موقعة (النفطي والعقل المشرعة).. بعدها أصبح همه إرضاء أصحاب موقعة النفطي والعقل المشرعة.. حتى ولو لم يكونوا طرفاً في المباراة ليس إلاّ!!

• في الدقيقة الثانية عشرة من الشوط الأول كان هناك خطأ لإيمانا ولكنه مرر الكرة لزميل له في حالة انفراد.. فعطّل خليل الهجمة بصافرة غضب منها اللاعب الكبير إيمانا.. عندها قلت للحاضرين انتظروا إنذار وطرد إيمانا.. وهذا ما حصل.. فالأندية تخسر الملايين والحكام يخرجون عقدهم في لاعبين أكبر منهم فهماً لكرة القدم!!

• في موقعة جدة وضح جلياً استعداد الأهلي للدوري.. وفي رأيي أنه يأتي من حيث المستوى الفني بعد فريق الشباب مباشرة ومن ثم الهلال.. ومباراة الأهلي والنصر كان نجومها جميع لاعبي وجماهير الأهلي الكبيرة.. يشاركهم في النجومية طاقم التحكيم بقيادة الأستاذ عبد الرحمن العمري والطاقم المرافق!!

• ظهر اللاعب النصراوي الكولمبي بمظهر مقزز وبرسومات ورموز كنسية ملأت جسده بكامله.. فذراعاه ورقبته حملت أوشمة لصور ولرموز نصرانية.. فأين من أشعلوا لهيبهم على صليب رادوي؟!.. أين غيرتهم الدينية المزعومة عن هذا الرجل الذي يحمل على جسمه كنيسة كاملة؟!!.. أم أنّ عين الرضا عن كل عيب كليلة.. فبئس بها من أعين!!