ترى هل ما حدث ويحدث في عدد من بلادنا العربية كان نتيجة تخطيط مدروس من قبل القوى الغربية عموماً وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية،، أو أنه انفجار شعبي تلقائي واسع جاء كنتيجة طبيعية لما مر ويمر على الشعوب العربية من ظلم بين وغياب واضح للعدالة الاجتماعية ولم يكن الغرب على علم به أصلاً فضلاً عن التخطيط له وإشعال فتيله، وتدخل القوى الخارجية بصورة أو أخرى بعد وقوع الحدث إنما جاء محاولة منها لتوظيف هذا الغضب الجارف والثورة العارمة في المرحلة القادمة وضمان عدم تعارض النهايات المرتقبة مع التطلعات والمصالح الغربية سواء القائمة أو المستقبلية المنتظرة في المنطقة.. هل نحن إزاء اتفاقية عالمية جديدة تعيد توزيع أراضينا العربية لتنسف بهذا الصنيع اتفاقية سايكس بيكو المعروفة وترتب لشرق أوسط جديد.. هل سيعود الاستعمار الأوربي والأمريكي الذي كان جاثماً على أرضنا العربية بوجه لا نعرفه من قبل.. ما هو المشروع السياسي الذي اختارته الشعوب العربية لبلادها بعد تحقق ثورتها على حكمها فيما سمي بالربيع العربي.. هل هناك رؤية واضحة لدى الشباب الثائر حيال منهجية الإصلاح الداخلي والعلاقات الخارجية، أو أنها مجرد غضبة شعبية أنتجت الهدم والإتيان على بناء الكيان السياسي من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم دون تخطيط مدروس لما سيكون عليه الحال الوطني بعد ذلك.. هل الديمقراطية والأحزاب والحياة الانتخابية الدستورية هي الخيار الوحيد في الملف السياسي الوطني سواء المصري أو التونسي أو السوري أو اليمني أو... أو أن هناك خيارات أخرى لم يفصح عنها بعد.. ما هو المستقبل العربي سواء في وحدته المنشودة منذ زمن،، أو في موقفه من القضايا المصيرية التي كانت وما زالت تحتل الصدارة في سلم القضايا المستعصية عن الحال خاصة القضية الفلسطينية.. ومن سيكون بطل المرحلة القادمة إن كان هناك شوط إضافي مرتقب..هل ما زالت الحركات الإسلامية مؤهلة للمناورة في طرح مشاريعها السياسية التي كثيراً ما كانت تلوح بها بين الفينة والأخرى أم أنها اليوم أعجز من أن تصمد أمام النقد المجتمعي الذي كان وما زال يوجه لها بسبب ضعف بنيتها وعدم تكامل رؤيتها وميل قادتها لدغدغة مشاعر الجماهير أكثر من اهتمامهم بالمضامين الحقيقية والمفردات الحياتية التي هي في الأساس المطلب الشعبي للثورات العربية الحالية..هل هذا الربيع ذو صبغة واحدة ورياحه ذات اتجاه واحد وله نفس التائج والنهايات..ثم هل هذا الربيع سيطول زماناً ويتسع مكاناً.. وهل التدابير الوقائية والتحركات الاستباقية التي اتخذتها بعض الدول العربية التي ما زالت بمأمن من رياح التغيير الجارفة،، هل هي كافية لضمان الاستمرارية والسلامة الحقيقية أما أنها مجرد مسكنات مؤقتة سرعان ما يذهب مفعولها وتسري العدو إلى هذه الأجساد الوطنية المتناثرة..أسئلة كثيرة وتساؤلات عديدة يطرحها الشارع العربي بل لا أبالغ إذا قلت إن هذه الاستفسارات هي حديث المجالس والملتقيات والمنتديات وإن اختلفت العبارات وتبدلت الجمل والكلمات، ورغم ذلك فإن المحلل السياسي والقارئ المختص لهذه الأحداث الدامية ما زال عاجزاً عن الإجابة الشافية الكافية المبنية على الدليل المقرونة بالشواهد والتفسير، والخوف أن يدفع الثمن البسطاء والجماهير ويقطف ثمار الربيع الانتهازيون الغربيون أو حتى القوى الداخلية التي تلعب دور المتفرج الآن!!، أو أنهم على الأقل يشوهوا وجه الربيع ببرد الشتاء القارص أو هجير شمس الصيف الحارق فتفسد الأجواء، وربما ينهي المشهد قبل أن يكتمل، وتضيع فرصة الإصلاح الحقيقية المرتقبة بعد كل هذا الجهد والتضحيات، ويسدل الستار دون الوصول إلى الهدف المنشود،، وهنا سيقول الجميع كما قال الأتراك إبان الدولة العثمانية « كما أنك لا تستطيع أن تصنع من الخشب ملقاطاً فإنك لا يمكن أن تجعل من العربي قائداً حقيقياً « حفظ الله بلادنا وأدام أمننا ووفق وسدد ورعى ولاة أمرنا وحقن الدم العربي وأعاد للأوطان العربية الأمن والطمأنينة والاستقرار وإلى لقاء والسلام.