المتابع لقضايا ومشكلات الطلاق في مجتمعنا يجد أن هناك أسباباً وراء تفاقم المشكلة وحدوثها وإن كانت الأسباب تتباين مع المتغيّرات الحديثة في المجتمع والتطورات الحاصلة فيه من شتى جوانبه حتى في الإنسان نفسه، مما يتطلب معه ضرورة إقامة دورات تأهيلية تثقيفية تربوية للزوجين قبل الدخول في الحياة الزوجية، حيث أثبتت الإحصاءات أن حالات الطلاق تقع في السنوات الأولى من الزواج مما يدل على أن التوعية والثقافة الأسرية لدى المقبلين على الزواج لا تزال مفقودة وسطحية ولا تؤهلهم لمواجهة أعبائه وإجراءاته، ويتم تدريب الملتحقين بالدورات على أهم أسس الزواج الناجح بدءاً من الاختيار وفق توجيهات الدين الإسلامي الحنيف، وهذه الدورات ينبغي أن تكون إلزامية لمدة أسبوع على الأقل عن الحياة الزوجية لمن يريد الزواج ولا يتم العقد الشرعي من قبل المأذون إلا بهذه الدورة أسوة بالكشف الطبي.
إن الحاجة ماسة لتثقيف المجتمع برمته عن الحياة الزوجية وهذا من خلال برامج توعوية يقوم عليها المختصون في المجال النفسي والاجتماعي والشرعي وأئمته وخطباء المساجد والدعاة.
وفي الدراسة العلمية الميدانية التشخيصية عن «ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي» التي قمت بدراستها من حيث طبيعة الظاهرة وحجمها واتجاهاتها، وعواملها وآثارها وعلاجها تكشَّفت العديد من الأسباب وظهرت مجموعة من التوصيات المهمة.
وقد كان من أهم العوامل أو الأسباب المؤدية إلى الطلاق انعدام التوافق بين الزوجين وتدخل الأمهات والآباء من طرفي الزوجين يأخذون الكلام على أنه صحيح فينحازون إلى جهة ابنهم أو ابنتهم، ولا ننسى أن للعصبية دوراً كبيراً والتسامح والصفح والنظرة الإيجابية وحب الصلح ابتغاء وجه الله هو الحل الوحيد لكل المشاكل وألا يتوهم الآباء وألا يتحسسوا.. والله الهادي إلى سواء السبيل.
ومن ذلك تنافر الطباع بينهما، حيث يعتبر هذا العامل من أشد العوامل وأقواها في حدوث الطلاق بين الزوجين، فقد تبيّن من نتائج البحث أن هذا العامل، شكل سبباً للطلاق لدى (43.75%) من المطلقين الذكور، و(56%) من المطلقات الإناث، مما يؤكّد أهمية وضع برامج ودورات تأهيلية للمقبلين على الزواج.
في ظل أن عملية اختيار شريك الحياة باتت عملية معقدة في عصرنا الراهن، وذلك لكثرة تلوّن الشباب والفتيات وارتدائهم أقنعة مزيفة يخدعون بها الطرف الثاني، ناهيك عن بعض الأهالي الذين يسارعون إلى تزويج أبنائهم خاصة إذا وجدوا منهم انحرافاً في سلوكهم وبشكل خطير، حيث يعتقدون أن المسارعة إلى الزواج هي الفيصل في القضاء على مشكلة انحرافه وتكون الضحية «الفتاة «.
إن من أهم شروط الحياة الزوجية وجود الانسجام بين الزوجين، والانسجام لا يعني تطابق شخصيات الزوجين، فقد يختلف الزوجان في شخصيتهما ولكنهما يتقبلان هذا الاختلاف ويحترمانه، فتسير دفة الحياة.
alomari1420@yahoo.com