قد منح الله الشيخ رحمه الله صفات وتميزاً في شخصيته بعدة اعتبارات منها:
1- الاعتبار العلمي: فالشيخ عالم المذهب الحنبلي في وقته وهذا جعل منه مرجعاً علمياً في المذهب.
ومع كونه إماماً في المذهب إلا أنه كان ذا منهج علمي لا يمنعه من ترجيح ما يسنده الدليل.
2- أن شخصية الشيخ تحمل ما يصطلح عليه بالهوية في زمنٍ أصبح فيه البحث عن حمايتها من الهموم والمقاصد الاجتماعية والسياسية، وذلك من أوجه: أن الشيخ بقية الأسلاف الذين تشخصت فيهم سيرة الأئمة السلفيين، وسيرة أئمة هذه الدعوة التي رعتها ورعت أئمتها الدولة السعودية في مراحلها وقد كان من رعاية أئمتها ما نال الشيخ رحمه الله من التعزية الهاتفية من لدن خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز لأهله بفقده. كما أن كون الشيخ يمثل عالم المذهب الحنبلي فهذا فيه تشخيص للمنهج العلمي الفقهي؛ والشيخ له عناية بالإجازة في الرواية والنقل بالسند وهو وسيلة من وسائل تحقيق التميز، ولذا كان في هذا مقصداً من مقاصد طلاب العلم.
3- ولاية القضاء على اختلاف مراتبها، حيث تولى الشيخ مراتب القضاء جميعها، فكان القاضي في محاكم نظر الخصومة، ومحاكم التمييز، والهيئة الدائمة في مجلس القضاء الأعلى التي تقابل المحكمة العليا.
4- الشخصية الإدارية والقيادية ذات الأثر في الإدارة القضائية دون مساس بالاستقلال القضائي.
5- سعة الأفق في الاطلاع على المعارف والشخصيات حيث أقام علاقات علمية مع كثير من علماء العالم الإسلامي ودعاته، وقام بزيارة عدد من البلاد الإسلامية.
6- تنوع المصادر العلمية والاجتماعية والإدارية التي استمد منها الشيخ التراكم المعرفي في شخصيته.
7- تعدد المناطق والمدن والقرى التي حلّ فيها الشيخ، وما تبع ذلك من الاطلاع على الوقائع على اختلاف الأحوال والأشخاص.
8- تنوع المهام والمسؤوليات التي كان يؤديها، فالشيخ على ما هو منهج أئمة الدعوة في البلاد التي يحلون بها يمثل العالم الفقيه، والقاضي، والمفتي، والداعية، والمصلح الاجتماعي، وغير ذلك من المهام الشرعية والاجتماعية.
9- مقدرة الشيخ على بناء العلاقات الاجتماعية مع جميع الفئات من عامة المجتمع و وجهائه، على اختلاف المكان أو الزمان، فأي مكان حلّ فيه الشيخ يسعى فيه إلى إقامة علاقات اجتماعية حتى لو كان عابراً لهذا المكان، فإن صلى في مسجد على الطريق كان منه مبادرة للتعرف على إمام المسجد وسؤاله عن بعض المعلومات التي ينشأ عنها علاقة ومعرفة.
10- مقدرته على فتح حوارٍ مع من يقوم بلقائهم حتى في غير المجال العلمي الشرعي من أطباء أو مهندسين أو فلكيين، ويُمكّن محاوره من إبداء ما لديه من معلومات يمكن أن يضيفها الشيخ إلى ما لديه.
11- الجانب الأدبي في شخصية الشيخ جعلت منه شخصية يأنس بها مُجالسه، وتجعل جليسه مشاركاً في الاستمتاع باللقاء.
12- تعدد الأجيال التي أدركت حياة الشيخ مما زاد معها معارفه ومحبوه، ومن التقوا به في حياته.
13- الزمن الذي عاشه الشيخ متمتعاً بقوته الجسدية والفكرية، فقد مدّ الله في عمره حتى ناهز المائة عام، لم يتخل فيها عن مزاولة مهامه الأساس في حياته، ومنها إبلاغ العلم وتدريسه، والعبادة حتى كان ملازماً لأداء العمرة والحج، ولقد كان إلى زمن ليس ببعيد يؤدي صلاة القيام في المسجد الحرام قائماً.
رحم الله سماحة الشيخ عبد الله بن عقيل رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى وخلف الأمة خيراً بفقده وألهم أبناءه وبناته وأهله وإخوته الصبر والسلوان، ونفع بذريته وتلامذته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
د. صالح بن عبد العزيز العقيل