منذ أكثر من خمس وعشرين عاما كتبت مواضيع عدة عن واقع التشكيل السعودي وتخبطه في فوضى الاقتباس من خلال استلهامات من أعمال من سبقوهم أومن الصحف والمجلات أو على المواقع الإلكترونية والمنتديات.
وهذا الأمر أدى إلى التشابه في الإنتاج والتقارب في الصيغ والتجارب الواحدة بحجة التجريد وبالتالي إلى ركود في الطرح وعدم وجود فكر واتجاهات فلسفية محددة واضحة بسبب غياب المعايير والقوانين والنقد الفني الجاد واللجان التي تُقّيم تجارب الفنانين ومدى جدية عطائهم، فإن أمورا يجب أن تفرض حتى لا تنهار ما بقي من رمق، وذلك بإيجاد لجان متخصصة قادرة على الفرز والاختيار وتقييم جميع الأعمال التي تعرض للحد من ظاهرة المعارض المرتجلة والتي تفرضها المهارات التسويقية على القدرة الإبداعية وضرورة تفعيل نظام حقوق المؤلف وتطبيقه على الفن والفنان التشكيلي، حماية لحقوق الفنان والمقتني.
وجاءت الثمرة بعد ربع قرن بموافقة معالي وزير الثقافة والإعلام على وضع هذه الضوابط ما يؤكد حرص الوزارة على الفن التشكيلي وإنجازاته والعمل على تصحيح الكثير من الممارسات السلبية والمفاهيم الخاطئة.
وفي شأن المعارض التشكيلية المصاحبة للأسابيع الثقافية السعودية كتبت ومنذ العام 1403 هـ أكثر من عشر مقالات عن هذه المشكلة المزمنة في المستوى الضعيف لهذه المعارض والتي لا ترتقي أبداً إلى مستوى الطموحات ولا يمثل حقيقة التشكيل المحلي، وحصر تلك المشاركات لفئات معينة تتكرر في كل المناسبات وتتم بشكل سري غير معلن من قبل المُكلف بإعداد تلك المعارض، وهناك ثمّة خلل في هذا الجانب الذي يحتاج إلى وقفة تأمل موضوعية وصريحة ليظهر تمثيل التشكيل السعودي خارج المملكة في حقيقته، والذي يعكس الجانب الحضاري بمعياره العالمي عبر نوافذ الفن التشكيلي.
والأمل معقود في وكالة الوزارة للشئون الثقافية بتحقيق هذه الآلية والإعلان عنها للجميع وتكوين لجنة محايدة قادرة على الفرز والاختيار لمعارض تمثل واقع التشكيل السعودي الرائع وتوظيف هذا الجانب بشفافية مطلقة وتطبيق الحزم والاهتمام بالمضمون والمستوى والخصوصية بمفهومها الشامل، باعتبار الفن سفيراً بصرياً وجزءا من ثقافة وحضارة الوطن.