|
الدكتور راشد المبارك صدر له كتاب بعنوان «شموخ الفلسفة وتهاتف الفلاسفة» عن دار القلم في دمشق..
والكتاب يمثل وثيقة تثبت أن العقول الكبيرة - أي من تظن كذلك - ليست لها حصانة عن الوقوع في الأخطاء الكبيرة.وتكمن أهمية الكتاب في كونه أول مؤلف في اللغة العربية يكتب في موضوعه..والفلاسفة مهما حسن قصدهم وسمت غايتهم ومهما صرفوا جهدهم ووقتهم لهذا الشأن فعملهم شيء من أعمال البشر يحتمل من الخطأ بقدر ما يتضمن من صواب.
ويقول المؤلف الدكتور راشد المبارك في المقدمة: لقد اختار الفلاسفة -أي معظمهم- منازل «الواصلين» وكان الأليف بهم ألا يستبدلوا بمنزلة «السالكين» منزلة أخرى، فالسالكون وحدهم يحدوهم الوجد وتغمرهم النشوة في الانتقال من «حالة» إلى أخرى، وبقاء الشعاع بعيداً يلوح لهم تارة ويختفي أخرى هو الوقود لذلك الوهج الذي يضيء النفوس المصطفاة، وإذا كان القلب أو الذوق والوجدان المشاعل التي ينبعث منها ذلك الوهج لـ(السالك) في معارج الوصول فإن الشعاع الذي يلوح للعقل هو باعثه في عطشه وبحثه الذي لا ينتهي إلى المعرفة، ولعلَّه لحكمة استأثر الله بها صار هذا الشعاع يبتعد كلما ظن الوالهون أنهم اقتربوا منه، إذ ليس أضَرَّ على ملكة الإدراك من منازل «الوصول» لأنها تعني أن يضع العقل عصا تسياره وأن يخمد فيه الوهج الباعث على الابتكار والإبداع.طبيعة الفلسفة توجب على الفيلسوف أن يكون (السالك) الذي لا يكف عن المسير. لقد جعل الله الإيمان بالغيب أظهر صفات المؤمنين به، وهذا يعني أن هناك أستاراً لن تُرفع، وهذا ما يبقي العقل مشغولاً بوظيفته لا يكف عن بحثه على طرق (السالكين)، ولو كشفت الحُجُب لانقطع ذلك المدد الباعث على الحركة والقلق الباعث على الكشف والإبداع.