لم تكن ليلة الجمعة ليلة عادية، بل كانت ليلة الوفاء والعطاء، ليلة بما لها من قدسية وفضل ولكن في هذه الليلة بالذات تجلى فيها مدى الحب بين الحاكم والوطن، ليلة عمّ خيرها مكة المكرمة واستبشر بها جميع المواطنين والمقيمين، بل تعدى ذلك إلى العالم الإسلامي قاطبة.. ليلة التقت فيها القلوب وارتسمت على محيا كل مسلم الفرحة بما أمر به خادم الحرمين الشريفين. إن الحرمين الشريفين أولت باهتمام خاص من ولاة أمرنا منذ الملك عبدالعزيز - غفر الله له - ومن أبنائه البررة، أبناؤه البررة الذين حرصوا كل الحرص على أن تكون مكة بمكانتها الدينية إضافة إلى أهمية خاصة.. وهاهو عبدالله بن عبدالعزيز الملك العادل منذ أن تولى الحكم ونظرته الأولى هي الاهتمام الكبير للحرمين الشريفين فوضع كل الإمكانات لها وللشعب السعودي وجعله يعيش في رغد العيش وحمايته من كل التغيّرات الهدّامة ممن خرجوا عن المنظومة الإسلامية والمواطنة الصالحة.. وها هو عبدالله بن عبدالعزيز يطله بإطلالته التي تجلّت بقوة الإيمان والتواضع وبشائر الخير تبدو على محياه. وقد تجلّت هذه الإطلالة بإشعاع يتعدى مداه مكة المكرمة إلى كل أرجاء العالم وأخص بذلك المسلمين قاطبة.. لقد أتى إلى قصر الصفا وهو يحمل مفتاح الإيمان.. يحمل معه كل بشرى لكل مسلم وكأني به يقول أنتم في فكري وقلبي.. إن جلّ اهتمامي هو راحتكم.. ومن هنا وضع - حفظه الله - حجر الأساس لأكبر توسعة تاريخية للمسجد الحرام.. توسعة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى وهذا المشروع العملاق سوف يجعل من مكة المكرمة رمزاً ومكانة عالمية ومنارة للإسلام بفضل الله ثم بفضل حكومتنا الرشيدة التي أرست هذه المشاريع التي هي من الأولويات التي تهتم بها هذه الحكومة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، فبالأمس القريب شاهدنا وشاهد العالم الإسلامي المشروعات الضخمة التي انتهت والتي يسّرت للحجاج والمعتمرين أداء كل مناسكهم في راحة ويسر، فمنها التوسعة من الناحية الشمالية والمسعى وربط المشاعر بعربات القطار على أحدث تقنية وليس هذا وحسب، بل حققت هذه الحكومة الرشيدة في مكة المكرمة سقفاً جيداً من التحرك الاقتصادي، حيث إن هذا البلد المقدس أصبح في حراك تنموي اقتصادي طوال العام.. ومن شأنه أن يحقق مفهوم الرفاهية التي يتمناها كل مواطن ومقيم وقادم إلى هذه البقعة المباركة. وهذه المشاريع العملاقة وضعت بدراسة هندسية معمارية على أرقى المستويات لتخرج إلىيز الوجود وقد تعانقت فيها مع منارات الحرم الشريف مع القلوب المسلمة وكل منهم يدعو لخادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة.
ولا عجب فيما قاله صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ذلك الإنسان الذي سخّر فكره وعقله في إنجاح هذه المشاريع وعدم التهاون فيها بأي حال من الأحوال لأن طموحات خالد الفيصل لا تقف عند حد أو الاستسلام لأي عقبة تقف أمام هذه المشاريع.. قال صاحب السمو في كلمته: يا خادم البيتين (أنت الذي إذا قال فعل وإذا فعل أنجز وإذا أنجز حمد الله)، نعم هو أنت يا خادم البيتين لم تكن تعمل عملاً ترجو فيه حب الظهور أو ارتقاب مدح من أحد فقوة إيمانك وعمل ما يرضي الله هي غايتك ونهجك. لقد قلت في سياق كلمتك (هذه التوسعة ما لنا فيها كرم الكرم الله عزَّ وجلَّ ثم الشعب السعودي الأمين وهذه التوسعة للمسلمين قاطبة)، لله درك من ملك عادل لقد تجلت في هذه الكلمات جل البلاغة وربط هذه المشاريع بالله سبحانه وتعالى ثم إلى شعبه الأمين ثم العالم الإسلامي، فيهنأ مليار و300 مليون مسلم بيد العطاء بيد والبركة من هذا الملك الذي يعمل ليرتاح الآخرون عملاً لا ينتظر منه شكراً ولا منّة ولنا أن نقول لهذا الملك فاروق عصره لقد وضعت شعبك في قلبك فأحس بالدفء والحنان والعطاء فحملوك بين أضلعهم.. ووضعت يا خادم البيتين الأمة الإسلامية في كفة الاهتمام فيسّرت بعد عون الله لهم أداء مناسكهم بكل يسر وأمان داعين لك بطول العمر وأن يلبسك الله ثوب العافية الدائم، كما إننا نهنئ أنفسنا بصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي واجه الجمهور بقوله: لقد وضعت المملكة العربية السعودية المليارات للنهوض بمكة المكرمة لتسمو للعالمية وإذا لم تصل فمعناه أننا أهدرنا المال ولكن لنسمح لأي شخص يتخاذل في رفع هذا البلد المقدس للعالمية وأرقى الأماكن لتكون رمزاً للدين ونبعاً للحضارة ووفاء لهذه الحكومة تحت قيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
drali000@hotmail.com