|
الرياض - واشنطن - خالد المالك:
ما ينبغي أن يكتب عن التعليم العالي، وعن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وتحديداً في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من أن تستوعبه خمس حلقات تنتهي بهذه الحلقة، غير أن ما لا يدرك كله لا يترك كله، وهذا القليل الذي اختصرناه مما قاله لنا المسؤولون أو قرأناه من بعض المطبوعات، أو كان ضمن المشاهدة والحضور لبعض المناسبات ذات الصلة، لا يعبر - بالتأكيد - عن واقع ما يمكن أن يطلق عليه أكثر من ظاهرة، حيث الابتعاث الخارجي وظاهرة التوسع في إنشاء الجامعات وظاهرة هذا الدعم الكبير لوزارة التعليم العالي وكل ما له صلة أو علاقة أو ارتباط بها من المؤسسات والمراكز البحثية والملحقيات الثقافية والجامعات المنتشرة داخل المملكة وخارجها، كما أن هذه الحلقات التي نختتمها بالحديث عن حفل تخريج الدفعة الرابعة من مبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، هي بما سيرد فيها من أرقام وإحصائيات وكلمات للمسؤولين سوف تختصر لنا المسافة الزمنية لمعرفة كل هذه السرعة غير العادية بكل تفاصيلها عن نمو التعليم العالي بين أبناء وبنات الوطن.
شمل حفل الخريجين لهذا العام عروضاً مختلفة وبرنامجاً ضم مسيرة وكلمة للخريجين وبعض العروض الفنية لأطفال الأكاديمية السعودية، كما شمل الحفل كلمة لوزير التعليم العالي، ولكل من سفيري المملكة لدى أمريكا وسفير أمريكا لدى المملكة، وكلمة للملحق الثقافي السعودي في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تجاوز عدد الخريجين من ذكور وإناث ثلاثة آلاف خريج وخريجة، بما يمثل نصف إجمالي أعداد الخريجين الذين تخرجوا منذ بدء البرنامج، وهذا العدد الكبير يعطي صورة لنجاح برنامج الابتعاث الخارجي، خاصة إذا علمنا أن الخريجين والخريجات فيهم من حصل على شهادة البكالوريوس وفيهم من أنهى دراسته في مرحلة الماجستير، وهناك من أنهى بعثته بالحصول على درجة الدكتوراه أو الزمالة الطبية، فضلاً عن أن أغلب التخصصات هي في المواد العلمية وفي المجالات التي يحتاج إليها سوق العمل.
وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري قال في كلمته إننا أمام هذا الاحتفال بتخريج هذا العدد من المبتعثين والمبتعثات تتفتح أمامنا ثمار إنجازات هؤلاء وتعلو فيهم راية النجاح والإبداع لكي ترفرف على بلادنا ومستقبل تطورها ورخائها، مشيراً إلى سعادة خادم الحرمين الشريفين وتهنئته، وفخره بكل الخريجين والخريجات نسبة لما حققوه من إنجازات ونجاحات منذ بدء برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، ووصف معاليه هذا البرنامج بأنه سخي ويمثل جزءاً من استراتيجية شاملة بدأت ثمارها تتضح وتتضاعف وتحصد كل الخير، وأن ملامحها بدأت تظهر كبرنامج قومي يحقق الرخاء والتقدم والازدهار لبلادنا الحبيبة، مذكراً الحضور والخريجين بأن هذا البرنامج أصبح يمثل أحد المعالم الرئيسة في سياسة وتاريخ التعليم والابتعاث ليس بالمملكة العربية السعودية فقط، وإنما على مستوى العالم، مؤكداً أنه يقف على قمة الابتعاث الخارجي في العالم، ويمثل نسبة لا بأس بها في إجماليات المبتعثين للخارج في مختلف دول العالم، حيث تستضيف أكثر من ألفي جامعة في العالم طلاب وطالبات المملكة لتلقي التعليم فيها، موضحاً أن الوزارة تحرص في سياستها للابتعاث على تنوع مصادر الابتعاث في الجامعات والمؤسسات العلمية ذات السمعة الأكاديمية العالية والمعترف بها، مع التركيز على التخصصات والدرجات العلمية والمهنية التي تحتاج إليها المملكة وسوق العمل فيها، واختتم معاليه كلمته بالقول: إن الغاية لا تقف أبداً عند مرحلة التعليم، فهناك مراحل أخرى متتابعة ومتتالية في سياسة التعليم تقضي بأن يكون الابتعاث لتنمية الكوادر البشرية وتأهيلها وإعدادها الإعداد الجيد لكي تقوم بدورها في خدمة التنمية، بمعنى أهمية أن تفتح الأبواب وتتاح الفرص لربط فكرة التعليم بالعمل، ولربط الخريجين بمؤسسات التوظيف واستجلاب وفود الجامعات والشركات والمؤسسات لكي تلتقي بهم في يوم المهنة، مذكراً الحضور والخريجين بأهمية الابتعاث في استجلاب الخبرة العلمية والأكاديمية وفتح الآفاق أمام المبتعثين للاستفادة من تجاربهم الذاتية والحياتية والتفاعل مع ثقافات دول وشعوب أخرى واستقاء المعرفة منها، وفي الوقت نفسه أن يؤدوا دورهم في التواصل مع شعوب هذه الدول وفي تمثيل المملكة كسفراء ورموز ثقافية حقيقية تستطيع بحضورها ووجودها أن تبني جسراً للتفاهم بين تلك الشعوب والمملكة العربية السعودية.
فيما قال الملحق الثقافي الدكتور محمد العيسى إنّ السنبلة التي غرسها خادم الحرمين الشريفين في بداية البرنامج، قد تزايدت وتضاعفت وحان قطافها، وأنه تمّ حصد ما تمّ غرسه بكلِّ الخير والبناء، إذْ تجاوز عدد الخريجين ثلاثة آلاف خريج وخريجة، وهم يمثِّلون نصف إجمالي عدد الخريجين الذين تخرّجوا منذ بدء البرنامج والذين يتجاوز عددهم ستة آلاف خريج وخريجة، مختتماً كلمته في حفل تخريج هذا العدد من المبتعثين والمبتعثات بالقول: إنّ الملحقية حرصت أن تختار الوسيلة البنّاءة الذي تضمن به استمرار تواصلكم معها ومع الجامعات التي تخرّجتم منها.
ومع كتابتي لهذه الانطباعات والمشاهدات عن حالة الابتعاث إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يكون إجمالي عدد المبتعثين قد وصل إلى 36521 مبتعثاً وإلى 11164 مبتعثة بما مجموعه 47.685 مبتعثاً ومبتعثة، يضاف إلى هذا العدد نحو 18.138 من المرافقين بمجموع إجمالي يصل إلى نحو 65823 مبتعثاً بمرافقيهم، من بينهم نحو 5807 مرافقين لديهم ملفّات بالملحقية تفيد بتوجُّههم نحو الدراسة، وهي أرقام تظهر حجم الاهتمام بتعليم المواطن والمواطنة، وتأهيلهم لخدمة الوطن في أفضل الجامعات والتخصصات والدرجات العلمية، وكلُّ هذا يعود إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي دعم وشجّع هذا التوجُّه الجميل نحو جودة التعليم العالي، ولعلّ البيانات المرافقة لهذا الاستطلاع توضِّح أكثر بما لا مزيد عليه عن هذا التنوُّع في الاختصاصات والدرجات العملية لهذا العدد الكبير من المبتعثين والمبتعاث.