رفعت السلطات الهندية رواتب السائقين المستقدمين للمملكة بمقدار 300 ريال شهريًا ليصبح راتب السائق الهندي 1500 ريال وستكلف هذه الزيادة الأسر السعودية مبلغًا سنويًا يصل إلى 3600 ريال وبنسبة لا تقل عن 2 بالمئة زيادة في نفقاتها السنوية مما يؤثر على تكاليف المعيشة عليها ويضغط على قدراتها الاستهلاكية والادخارية وتستفيد الأسر السعودية من خدمات السائقين في التوصيل المدرسي وكذلك الموظفات وغير ذلك من الخدمات ويعمل بالسعودية أكثر من مليون هندي مما يبرز عمق العلاقات بين الدولتين ويطرح تساؤلاً مهمًا على انعكاس ذلك تجاريًا ومن المستفيد الأكبر من تلك العلاقات ولكن خطورة هذا القرار الهندي بأنه قد يعطي المجال لأنّ يقوم السائقون الهنود العاملون حاليًا بالسوق السعودي بطلب زيادة مماثلة والا سيطلبون إنهاء عقودهم للعودة مجددًا بالراتب الجديد وكذلك يعطي المجال لدول أخرى يتم استقدام سائقين منها بأن تتخذ نفس الإجراء وهذا يفسد التنافسية التي تعطي الأسر السعودية الخيار ات المتعددة للتوجه لدول أخرى أقل تكلفة من الهند لكن بالمقابل فإن رفع تكلفة السائق الهندي يسلّط الضوء على العديد من الجوانب التي تستدعي المقارنة في العلاقة التجارية مع الهند وكذلك توضح جوانب قصور استثماري بقطاعات اثرت على حجم الطلب على السائقين الخاصين بالأسر السعودية فقبل أكثر من عام أثيرت قضية الإغراق من قبل الهند على منتجات بتروكيماوية سعودية، حيث فرضت الهند رسوم اغراق على المنتجات السعودية من البتروكيماويات واعتبرت ممارسات الشركات السعودية اغراقًا وتأثيرًا على شركات مصنعة بالهند وأن شركاتنا أخلت بقوانين التجارة العالمية وبالرغم من أن حجم تلك الصادرات محدود ويصل إلى 200 مليون دولار أي 750 مليون ريال لكنها عكست بذات الوقت تباينًا في نظرة الطرفين لطبيعة تلك العلاقة التجارية وأثارت غضب الوسط التجاري السعودي على مستوى القطاع الخاص وإذا ما اعتقدنا بأن هناك قرابة 200 ألف هندي يعملون كسائقين فإن الزيادة برواتبهم تعني زيادة بالإنفاق عليهم بمقدار 60 مليون شهريًا و720 مليون ريال سنويًا وهو رقم يعادل تمامًا حجم الصادرات البتروكيماوية للهند من قبل الشركات السعودية أي أن ما نصدره للسوق الهندي من هذه السلعة المهمة يتم استرداده بزيادة رواتب السائقين الهنود وكانها أصبحت مجانية نظرًا لأنّ تلك العمالة ستحول هذه الزيادة إلى الهند لينعكس اثرها بالقتصاد الهندي وليس السعودي والسؤال الذي يطرح هل رواتب السائقين الهنود مرتفعة ببلدهم وقريية من الراتب الذي طلبت الهند تحديده للمستقدمين للمملكة فلو كان الأمر كذلك لما تكلف أي هندي عناء غربته عن وطنه أو ليس قيام الجهات الهندية بتحديد رواتب السائقين الهنود بالمملكة يُعدُّ شيئًا من الحمائية وإضعاف التنافسية وقراءة لحاجة السوق السعودي تهدف للاستغلال والاستفادة من عوائد النفط السعودية بطريقة غير مباشرة ألا يستوجب الإجراء الهندي ردًا سعوديًا بوقف الاستقدام من الهند لهذه المهنة أو فرض رسوم خاصة على السائقين أنفسهم من الدخل الذي يتقاضونه من الأسر السعودية وسبب مثل هذا الطرح لأنّ مستويات الرواتب تحددها السوق المستفيدة من العمالة وليس دولة المنشأ كما جرى العرف بشكل عام في كل الدول كما أن مثل هذه الزيادة ألا تسوجب الإسراع بخطط تطوير النقل العام وفتح الاستثمار به بشكل كبير وإزالة كل العوائق أمام توسعه للاستغناء عن استقدام السائقين للأسر من خلال تطوير وتوسيع النقل المدرسي وغيره مما يعني ضعف الطلب على السائقين من الخارج وتحويل الفائدة من حجم الرواتب التي تصرف لهم إلى إنفاق وادخار محلي من خلال الاستغناء عن خدماتهم بشكل كبير فاستقدام السائقين هو نوع من استيراد الخدمات فلا بد من النظر إلى تقليصها وتعزيز ورفع دور قطاع الخدمات المحلي الذي سيوفر فرصًا وظيفية ويرفع من الناتج الوطني ويقلص من حجم النقد المصدر للخارج، إن العلاقات التجارية بين الدول تاخذ في طياتها تفاصيل كثيرة للاستفادة القصوى من تلك العلاقات وهذا ما يتضح من العلاقة مع بعض الدول التي تصدر عمالتها للسوق السعودي بنسب كبيرة فلا بد من النظر إلى انعكاسات ذلك على اقتصاد المملكة ومحاولة التخلص من كل ما يمكن تطوير بدائله محليًا وتوسيع قاعدة التقليص من الأثر السلبي لنقص بعض تلك الحدمات المستوردة بمختلف الوسائل الممكنة.