حدد خبراء الإدارة مهام شاغلي المناصب القيادية والإشرافية من مديرين ومديرين عامين، ووكلاء فما فوق وهي العناية بالتخطيط والتنظيم، والمتابعة، وإصدار القرارات السليمة، فالتخطيط يعني قيامهم بالتوجيه بإجراء الدراسات ووضع الخطط المستقبلية التي تخدم سير العمل في القطاع الذي يشرف عليه كل مدير أو قيادي،
بحيث تتم مراجعة الأساليب والإجراءات التي يسير عليها العمل، ومحاولة تلافي السلبيات التي تظهر من واقع التطبيق، وذلك بإجراء الدراسات حولها ووضع الخطط للبدائل المناسبة، كما يعني التخطيط دراسة الطموحات التي ترغب الجهة الإدارية في الوصول إليها ويعني التنظيم القيام بالتقسيم الهيكلي للقطاع الذي يشرف عليه كل مدير، وأن يقوم المشرف من حين لآخر بمراجعة هذا التنظيم للتأكد من أنه تم تفعيله على أرض الواقع، وأنه يؤدي أهدافه، وأن توزيع الموظفين قد تم حسب ذلك التنظيم، كما أن على المشرف القيام باقتراح تعديل ذلك التنظيم أو أجزاء منه إذا تطلبت حاجة العمل ذلك. أما عملية إصدار القرارات وهي إحدى مهام القياديين والمسئولين فهي ذات أهمية أيضاً، وذلك للدور البالغ الذي يقوم به القرار الإداري في مسارات العمل وتوجهاته، ولذلك اشترط خبراء الإدارة والقانون الإداري الذين عرفوه بأنه (تصرف قانوني صادر من جهة عامة في أمر يخص النشاط الإداري). العديد من الشروط التي لا يكون القرار الإداري صحيحاً إلا بتوفرها فيه وهي:
) أن يصدر القرار من صاحب الصلاحية، وأن يأخذ شكلاً معيناً بأن يكون صريحاً ومكتوباً، وأن يمر بالخطوات والإجراءات اللازمة لإصداره، وأن يكون ذو سبب محدد وموضوع معين وغاية يهدف إليها، فعلى المسئول عند إصداره لقراره مراعاة ذلك حتى لا يوجه النقد له أو يكون قراره مصدراً للشكوى والتظلم، ومما يراعى في إصدار القرار استشارة ذوي الاختصاص بموضوع القرار، ومن ذلك ما يتعلق بالناحية القانونية له حتى تكون شروطه وأركانه وصياغته منسجمة مع القواعد العامة. أما المتابعة وهي إحدى مهام القياديين فتعني قيام المشرف بالتأكد من أن العمل في قطاعه يسير حسب الأنظمة والبرامج الموضوعة له، وبإمكان المشرف القيام بالمتابعة بصفة شخصية عن طريق الزيارات الميدانية للإدارات التابعة له أو عن طريق التقارير التي ترفع له، أو عن طريق الاجتماعات مع المشرفين على تلك الإدارات، وأسلوب المتابعة الشخصية قد يكون هو الأنسب، وذلك لكونه يؤدي إلى الالتقاء بالمشرفين على الإدارات وبموظفي تلك الإدارات حيث سيتمكن من سماع ملاحظات وآراء الموظفين حول إجراءات سير العمل بشكل مباشر، كما أن زيارة المدير للموظفين في مكاتبهم تشعرهم بقربه منهم وتفاعله معهم، وهو ما سوف ينعكس ايجابياً على العمل. إذاً هذه أبرز مهام المديرين أو القياديين التي تمكنهم من الإحاطة بأعمال قطاعاتهم دون الانغماس في الجوانب التي تبعدهم عن مهامهم الأساسية فقد تلاحظ أحياناً أن بعض المديرين قد تركوا مهامهم الأساسية في التخطيط والتنظيم والمتابعة وإصدار القرارات الصائبة إلى المهام التنفيذية التي يفترض أن يتولاها المسئولون الأدنى.
فتجد مثل هؤلاء المديرين يستحوذون على كافة الأعمال بقطاعاتهم ويصرون على أن يعرض عليهم كل صغيرة وكبيرة وهو تصرف له نتائج سلبية متعددة منها:
تعطيل المديرين لمهامهم الأساسية سالفة الذكر.
توليهم أعمال المسئولين الأدنى منهم، وهو ما يؤدي إلى بقاء هؤلاء المسئولين بدون أعمال سوى مجرد تمرير المعاملات فقط للمسئول الأعلى وانتظار توجيهاته.
إن ذلك يؤدي إلى تأخير الأعمال أو المعاملات وذلك لكون مصدر اتخاذ القرار أو التوجيه حولها واحدا وهو المسئول الأعلى مما سترتب عليه تراكم المعاملات في مكتبه، كما أن انشغال هذا المسئول بأعمال أخرى كالاجتماعات والزيارات الميدانية والاتصالات الهاتفية سوف يزيد من تأخير البت في المعاملات المعروضة عليه.
إن البت في بعض المعاملات قد يتطلب التخصص، ولأنه لا يفترض في القياديين الإحاطة بجزيئات كل الأعمال وتخصصاته، لذا فإن قيامهم بالبت في هذه المعاملات قد يؤدي إلى الخطأ في اتخاذ القرارات.
إن كل جهة أو قطاع قد وضع لكل منها هيكل تنظيمي معتمد من الجهات العليا في الدولة، وبموجب هذا الهيكل تم توزيع المسئوليات والاختصاصات والصلاحيات، ولذا فإن قيام المشرفين بالاستحواذ على كافة الصلاحيات والمسئوليات يتعارض مع التنظيم الموضوع للقطاع أو الجهة.
إن تولي المديرين سائر الأعمال بما فيها أعمال وصلاحيات المسئولين الأدنى يولد الإحباط وغيرالمبالاة لديهم، حيث سيتوقفون عن الإبداع والتجديد ما دام أنه لا دور لهم في اتخاذ القرارات، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى عدم إيجاد قيادات جديدة بديلة في القطاع لديها مكنه اتخاذ القرارات في حالة غياب المسئول الأعلى لأي سبب من الأسباب.
إن انفراد المدير أو المشرف بسائر الصلاحيات وما يترتب على ذلك من تراكم العمل لديه قد يؤدي إلى متاعب صحية وربما نفسية عليه، وقد يضطر إلى أن يؤدي بعض أعماله في منزله مما سوف يشغله عن أسرته وعن أموره الخاصة.
وبعد فإن التزام المديرين بمهامهم الأساسية وهي الإشراف والتخطيط والتنظيم والمتابعة وإصدار القرارات النظامية يتمشى مع المبادئ الإدارية الحديثة، وفي نفس الوقت فإن فيه إحاطة بسائرنشاطات العمل في القطاع الذي يعمل فيه كل قيادي، ولكن بطريقة غير مباشرة عن طريق المتابعة والزيارات الميدانية وتقارير الإنجاز بما يخدم عمل المشرف أو المدير ويمكن المسئولين الآخرين من ممارسة صلاحياتهم، ويحقق أهداف ومهام القطاع، ويختصر الوقت والجهد، ويسهل أمور المواطنين.
asunaidi@mcs.gov.sa