حينما يُصدر الكاتب المبتدئ باكورة أعماله فهو بضرورة الحال بحاجة إلى يد العون من قامة أدبية مستبصرة لولوج الساحة الأدبية، وذلك بعدما يجد في منجزه الأدبي ما هو جدير بالظهور والشيوع كقيمة فنية تكتنز قدرة تعبيرية متمايزة تحمل في طياتها معالجة مختلفة للهم الإنساني بشتى قضاياه في تجانس بين المبنى والمعنى؛ لتتخلق جملة من الاستفهامات المستثيرة للطاقة الذهنية لتُحدث التفاعل المبتغى بين النص والقارئ، وذلك من خلال صنعة جمالية تستحث ذلك المتلقي للانجذاب غوصاً في ثنايا النص. فالمتعة الفنية هي ترمومتر نجاح النص وتحقيقه الوصول إلى مرفأ المتلقي بأمان.
غير أن الغريب في الأمر ما تشهده الساحة الثقافية السعودية وممن يُشار إليهم بالبنان من أسماء تنعت بالوزن الثقيل شعراً وسرداً ونقداً التي عمدت إلى الترويج لأعمال متواضعة إن لم تكن مهترئة وفاقدة لأبسط أدوات السرد بل ومفتقرة لهيكله البنائي، ولعل النماذج الأكثر جلاء ما يختص بكاتبات مبتدئات قدمن باكورة أعمالهن التي كانت متواضعة فنياً وتعج بالأخطاء والعثرات، حيث كانت المفارقة في الاحتفائية المفرطة والبذخ بكل قاموس الإطراء من أولئك الفطاحل والمخضرمين؛ ما أحال المشهد لسريالية غرائبية عنوانها الفوضى ومعناها انهيار للقيم والمثل التي طالما ينشدها الإنسان من خلال الفن والأدب على وجه الدقة.
ربما أصبح بعض مثقفينا شغوفاً باستلهام الحالة الصوفية حيث الشيخ العارف وحوله مريدوه من أبناء طريقته الذين يكون من واجبهم تقديم آيات العرفان والمديح، وحتى لو كانت الظاهرة مستشرية شرقاً وغرباً مما يصفونه بالشللية والمزاجية التي تجد مكانها في أزمنة الركود والوهن، غير أن ذلك في حد ذاته باعث ليستنهض المجتمع الثقافي عبر مؤسساته لمجابهة حقيقية تشكل دوره وتحتم عليه إرساء تقاليد ثقافية راسخة وفاعلة تحرك الراكد من وعي أدمن اليأس والاستسلام نتيجة ممارسات إقصائية سابقة كان أبرز ضحاياها.
إن قانون الحياة يشير بحتمية إلى أن البقاء لن يكون إلا للأفضل أما ما سواه فسيذهب مع الريح.