الخبر: ثم وقفت امرأة وقاطعت فخامة الرئيس وقالت: أخطأت!
الإسلامي: من نتائج الاختلاط والعياذ بالله..!
الليبرالي: وما شأن الاختلاط..؟
الحداثي: شمسٌ وقمر.. واسمٌ وخبر.. وأرضٌ وبحر.
التقليدي: ثم وقفت امرأة وقاطعت فخامة الرئيس وقالت: صدقت!
التاريخ: أخطأ عمر وأصابت امرأة.
قلت: حرية تعبير..
صحن وسفرة وعائلة حولها.. تعني الكثير..
صحن وطعام وسفرة وعائلة.. تعني الاجتماع والمشاركة، تعني أن الجميع لن يشرع في الأكل حتى يبدأ كبيرهم ويسمّي، تعني أن يُسأل عن الغائب ويُدعى، تعني صور من التراحمية غاية في الروعة.. عندما يقطع الأخ لأخته شيئاً من اللحم وتناول الأخت أمها كأسًا من الماء ويراقب الأب طعام أولاده فيأمر هذا بالأكل ويعلم الآخر أدباً وسلوكاً وعرفاً، ثم تبقى قطعة من اللحم، فتظهر صورة من صور الإيثار والبر والرحمة والحب، فالأبناء يتغافلون عنها، حتى لا تسبق أياديهم شهوة والديهم والأب والأم يرحمون أبناءهم فيدفعونها نحوهم، ثم تنفض العائلة، ويبقى أنّ ما حصل ليس طعام وصحن وسفرة وقومٌ يأكلون!
على عكس الطعام السريع (fast food) الذي يكرس الفردية والأنانية الاستقلال ويقتل روح الجماعة.
اجلد ذاتك مع أحمد الشقيري !
ليس صعباً ولا معجزاً أن تنظر إلى طابورٍ محترمٍ وطويل في بلادٍ يعيش فيها النظام مع أنفاس الناس ثم تتذكر بأنك أقبلت من مكانٍ تتحول فيه صورة السيارات الواقفة عند إشارة المرور إلى هيئة شجرة.. فتقول: انظروا يا جماعة..!
فكل ما تحتاج إليه.. تذاكر سفر وبلدٌ تشرئب أعناق السياح إليه وعينٌ ولسان وموقع الإشارة المذكورة أعلاه في الخريطة الإدراكية لديك، وهذا ما يفعله الأستاذ الفاضل أحمد الشقيري.
ومع هذا، لا أجد في ما يصنعه الشقيري إلا صورة من صور الاستفزاز التي تخلق في قلوب الناس ردة فعل تجعلهم يتعاطفون مع الأخطاء التي في مجتمعنا، فتوعية الناس لها سياق وسباق ولحاق.. ولا يصح أن تُقبل من أي أحد وبأي شيء، وسياق البرنامج قائم على جلد الذات وتحقيرها والتقليل من شأنها أو على الأقل هذا ما استقر في أذهان الناس وعلِق بها.
وعناصر البرنامج قائمة على صورة مثالية في الخارج.. وصورة سيئة في الداخل.. وأحمد بينهما يحرك يديه ولسانه، والركن الغائب هنا.. فلسفة النصيحة.. التي قال عنها أحمد شوقي في أسواق الذهب “آسِ ثم انصح”، لأن النفس معقدة التركيب والمزاج لا يسوقها للحق والصراط المستقيم مجرد الحق والصراط المستقيم، بل تتدخل في ذلك عوامل اجتماعية ونفسية وظرفية كثيرة، ومحمد صلى الله عليه وسلم كان يتخول أصحابه بالموعظة خشية السآمة عليهم.. وخواطر أحمد.. من المفترض أن تقوم أصولها على النصيحة والنقد الهادف وطرائق التهذيب لكن البعض يرى فيها جلداً وضرباً وركلاً ولكماً ولطماً للذات، خصوصاً إذا سمّى دبي.
ما تبقاش حنبلي..!
يحكي الشيخ كشك رحمه الله قصة رجل أراد أن يزور صديقه فطرق باب بيته وفتحت زوجته، فسأل عن صاحبه فقالت زوجته: غير موجود، فأراد أن يهم بالرجوع، فقالت الزوجة: تفضل (أنت منا وفينا..)، فأخذ الرجل يفكر.. وتذكر بأنه ما اختلى رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
فجاء ثالثهما يوسوس له ويقول: (ادخل يا راجل ما تعملهاش قضية.. دي زي أختك.. ما تبئاش حنبلي).
الشاهد هنا (ما تبئاش حنبلي) فكأن الحنابلة أصبحوا مثالاً للتشدد والتنطع وهو أمرٌ مخالف للحقيقة من حيث الأصل، فمذهب الإمام أحمد كما ذكر د.محمد عمارة في كتابه “معركة المصطلحات” من أيسر المذاهب الفقهية، ولا يكاد أن تجد له مسألة فقهية إلا وله فيها ثلاثة أقوال، وهذا معلوم، لكن الحنابلة ليسوا أحمد، وحالنا اليوم يغلب عليه الإقصاء للمخالف والتشدد للرأي الواحد وغلبة فقه الأحوط، وكأنهم يريدون من الناس أن يصبحوا على صورة واحدة أولها كآخرها، وهذا مخالف لمراد الله سبحانه إذ أنّ الخلاف حدث ومحمد صلى الله عليه وسلم حيٌ يرزق كما في حديثِ لا يصلين أحدٌ منكم العصر إلا في بني قريضة، وعليه فواجب الدعاة اليوم إشاعة فقه الخلاف وتعليم الناس آدابه حتى يستسيغه الناس فلا نجد تجهيلاً ولا تفسيقاً من أحد لأحد بسبب ثوبٍ مسبل أو شعر قد غيره صاحبه بالسواد!