الإعلام بكافة أشكاله يعج بزخم من الأطروحات المسموعة والمقروءة والمرئية والتي كثيرمنها قد يفقد جزءا كبيرا من فاعليته بفعل عدم احتوائه على مايشكل قوام وجوده موضوعيا.
احترام التخصص يغيب عن كثيرمن الأطروحات بشكل أتاح المجال لشيوع حالة من الفوضى الثقافية حيث اختلط الحابل بالنابل وأخذ كلٌ يدلي بدلوه ويتحدث عما يدورفي جعبته حتى ولولم يكن يتوفرعلى قاعدة معلوماتية جيدة في هذاالإطار.
ليس بمقدورالكاتب أوالمتحدث المضي في معالجة قضية مّا والنفاذإلى جوهرتشكيلهاسواء كانت قضية اجتماعية أوسياسية أو- وهذا هوالأخطر- إذاكانت قضية ذات طابع شرعي اذاكان يعتمد على مجرد قناعات داخلية لاتستند الى مايسوغها معرفيا وإذا كان يفتقرالى الغطاء الثقافي المؤهل لبلورة رؤية جلية الملامح سليمة المنطلقات وموضوعية في آلية التناول .
إن عدم احترام التخصص فضلا عن أنه يكشف قدرا كبير من جهل المتحدث الذي يفترض أن يغطي جهله بصمته لاأن يعري ضحالته بنطقه فيهرف بمالايعرف فضلا عن هذا فهويفضي إلى صناعة الجهل ومدّ رواقه وذلك بفعل شيوع حالة من إرباك وعي المتلقي – قارئا أومستمعا- وبالتالي اضطراب مقاييسه المعيارية على نحومخيف.
غيرالمتخصص غالبا تكون رؤيته سطحية ومترعة بالثغرات وهذا طبيعي ففاقد الشيء لايعطيه؛ إنه عندما ينبري فيتطوع ويزج بنفسه في ميادين لا قِبَل له بها فيخوض فيمالايحسن هوفي حقيقة الأمريستعرض جهله ويفضح هشاشة بنيته فيُكتشف على الأقل من قِبَل أصحاب التخصص وكما قال ابن حجر:»من تكلم في غيرفنه أتى بالعجائب»لأنه يروم ملامسة قضايا يجهل الكثيرمن أبعادهاالحقيقية فهولايرى إلافي حدود ماتسمح به خلفيته الثقافية الواهنة, والأعراف التي تستهويه في الصميم ولذا فهوحين يقدم رؤيته تبدو خداجاإذليس بالوسع التحررمن ضغوط الإنتماءات الذاتية والأهواء الشخصية وخصوصا في ظل تواضع المنظومة المعلوماتية ومحدودية حجمها.
ومن هذا الأفق بالإمكان القول: إن الوعي بحدود الذات وإدراك طبيعة موقعها على الخارطة المعرفية شأن محوري في هذاالسياق وهوليس بالأمرالسهل وكم من إنسان حُرم من معاينة المرآة التي تزوده بحقيقة ذاته وتُبصّره بمدى إمكانياته ولذلك انبعث يحلل في كل مجال وطفق يُنظّرفي كل قضية وهو لا يعي أنه لايملك البنية الثقافية المرشحة للمقاربة المتماسكة.
abdalla_2015@hotmail.com