لا يمكنني أن أخفي خجلي من مطاراتنا، خجلي من نفسي كوني ابنة هذا البلد الغني الذي يملك أعلى احتياط بترول في العالم، ولا خجلي من زوّار بلدي حيث يُمثل المطار الواجهة الأولى للبلد. لن أتحدث عن مطار جدة الذي يستقبل آلاف الزوّار من كلِّ حدب وصوب، وذلك لأنّ العمل جارٍ على تطويره بمبنى جديد يعوّضنا عن خجل سنوات طويلة من ذلك المطار منتهي الصلاحية!
ليكون الحديث إذن عن مطار العاصمة الرياض، والذي اقترن اسمه بالملك خالد - رحمه الله - ولا زلت أتذكّر وأنا طفلة حينما تم افتتاح هذا المطار، أتذكّر جيداً حينما أخذنا والدي قبل افتتاح المطار بأيام في نزهة لزيارة هذا المطار المبهر في تصميمه ومبانيه، كان المطار يعجُّ بالزائرين الذين أتوا مثلنا يملؤهم الفخر بمطار العاصمة. لم يَعُد مطار الملك خالد - كذلك - تغيّر كثيراً، وإنْ كان نفس المبنى ونفس الأثاث الذي كان قبل أكثر من ثلاثين عاماً، وليس عيباً أن يكون عمر المطار ثلاثين أو أربعين أو حتى ستين عاماً، فكلُّ المطارات في الدول المتقدّمة لا يقلُّ عمرها عن هذا، لكنها تكبر و»تحلو»، أما مطارنا فهو يكبر ويشيخ، بل إنه شاخ قبل أوانه!
المباني مثلها مثل البشر، إنْ وجدت من يهتم بها ويرعاها فإنها كلّما تقدّمت بالعمر زادت إبهاراً، وها هي مباني الدول الأوروبية أجملها أقدمها، والبشر كذلك وخصوصاً النساء، فكلّما اهتمت المرأة بنفسها زادت جمالاً مع كل سنة تكبرها، ولعلِّي هنا أتذكّر نصيحة إحدى القريبات التي دائما تقول: «بشرتك عنوان جمالك أمنحيها عشر دقائق فقط في اليوم لرعايتها، لن تخسري ستستمر بجمالها ورونقها». هذا الكلام أقوله لمطار الرياض، الذي شاخ قبل أوانه، فإنْ ذهبت باكراً قبل موعد الرحلة، فإنك لا محالة ستشعر بألم في الظهر والحوض بسبب تلك المقاعد الحديدية والتي على ما أعتقد لو جلس الشخص على الأرض لشعر بالراحة أكثر من الجلوس عليها، أما دورات المياه فحدّث ولا حرج جميعها بلا استثناء مصابة بخراب خراطيم المياه، هذا عدا شكلها المقزز والذي يوحي بالقرف نتيجة عدم وجود صيانة، وإنْ اكتسحت الرياض موجة «عج» فستجد الغبار في داخل المطار أشد من خارجه، هذا عدا الطيور التي اتخذت الزجاج العلوي مقراً لعششها، وفي الصيف الحارق فإنّ درجة الحرارة داخل المطار أعلى من الخارج!
أما الخدمات العامة فهي في تراجع دائم، حتى أنه في الستة أشهر الأخيرة صارت وسيلة النقل إلى الطائرات عبر الباصات، وكان الله في عون من معه طاعن في السن أو معاق، وحتى لو كنت من ذوي الدرجة الأولى فإنك لن تستفيد من أي خدمات خاصة في هذه الحالة وستصعد الباص مع غيرك، مع أنه في دول أقل منا إمكانيات يكون هناك باص مخصّص لركاب الدرجة الأولى ورجال الأعمال.
الخدمات كل ما لها في تناقص، ومطار العاصمة لم يَعُد واجهة تُعبّر عن حقيقة العاصمة، والعيب ليس في عمر المطار بل في إدارته، فهل يعقل أنّ أقلّ الأشياء لا تكون متوفرة مثل «الإنترنت» فهو غير مجاني وحتى إن كنت مضطراً مثلي أحياناً لاستخدامه، لأنّ المقال مثلاً لم يصل، فستشتري بطاقة ومع ذلك لن تعمل أو ستجد شبكة إنترنت بطيئة!
لن أقارن مطاراتنا بالدول الأوروبية، ولن أقارنها بمطارات دولة عربية مثل دبي، لكن من حقي أن أقارنها بمطارات دول أقل منا في الإمكانيات، بل ونتبرّع لها سنوياً بالمليارات، ومع ذلك فلديهم مطارات كما نقول بالعامية «تواجه»، قليلاً من العمل وبعض التنظيم سنكون أفضل!
www.salmogren.net