|
كتب - عبدالمحسن المطيري
بعد ثلاث سنوات من إنتاج مسلسل (هوامير الصحراء) لا تزال نفس النكسة تستمر للعام الثالث على التوالي، الإشكالية الفنية والفكرية تتواجد في المسلسل كل عام، وعلى الرغم من ارتقاء الجمهور بذوقه لدرجة يبدو لم يستوعبها القائمون على قناة روتانا إلا أننا نجدهم يعمدون المسلسل للسنة الثالثة على التوالي.
النص كما جرت العادة لا يتطابق مع تصرفات المجتمعات المخملية في الخليج، فلا يمكن أن نشاهد سيدة تترأس اجتماعًا يحضره بعض أقاربها وهي تلبس الجينز، ومن المؤكد أنه لا توجد عائلة ثرية متنوعة الجنسيات مثلما تجري العادة في مسلسل هوامير الصحراء فالأخت من المغرب والابن سعودي والأب كويتي والخال عراقي من أصل عماني، بالإضافة إلى مشاكل التمثيل الهائلة التي لا يمكن أن نحصرها في مقال واحد، فهناك فرق كبير بين المسرح والتلفاز، لأننا نجد في مسلسل (هوامير الصحراء) تصنعاً مبتذلاً وتكلفاً في الأداء مما لم أشاهده قط أثناء احتكاكي بالطبقة البرجوازية سواء في السعودية أو في بلدان الخليج.
النص يعاني من مشاكل جمة، فمن الجزء الأول وحتى الثالث والنص الأساسي يدور حول المؤامرات التي تحاك ضد الجوهرة و والدها، التمثيل لا يمكن أن يراهن عليه على الإطلاق في أي مشروع درامي مستقبلي قادم رغم اجتهادات الممثل الكويتي القدير أحمد الصالح والذي أجده أفضل الطاقم رغم المشاكل التي تظهر منه أحيانا خصوصاً أنه منتمٍ للمدرسة الكلاسيكية المبتذلة، ومعه الأستاذ سعد خضر الذي أيضا يؤدي دوراً جيداً بالمسلسل رغم بعض الهفوات، أما علي السبع وسعيد قريش وعبدالله العامر ومعهم الممثلة ميساء مغربي فلا يمكن أن يختلف اثنان حول الأداء المنخفض للغاية والمبتذل والمتصنع الذي قدموه طوال أحداث المسلسل ابتداء من الجزء الأول وحتى الجزء الثالث والأخير، بالإضافة إلى سوء الإخراج والذي يضعنا أمام شوارع دبي ثم يعود بنا إلى الرياض مرة أخرى في أخطاء إنتاجية جسيمة لا يمكن أن تقبل من قناة عملاقة كـ (روتانا).
في اعتقادي أن مشكلة روتانا في الدراما هي نفس مشكلتها في الأعمال الموسيقية، التكتلات الحزبية الموجودة داخل مؤسسات روتانا تجعل جميع قنواتها الحالية لا تستطيع منافسة البقية، فلا يمكن أن نجد روتانا تقبل عملاً مستقلاً كما يفعل مثلاً تلفزيون أبوظبي أو mbc، إذا كنت منتجاً وتريد أن يتم عرض عملك على قناة روتانا عليك أن تصنع علاقات قوية وتعمل على بناء التكتلات والتحالفات مع عدد من القائمين على قناة روتانا أولاًَ من أجل الحصول على تمويل لأي مسلسل أو فكرة لبرنامج حديث، وهذا الأسلوب هو ما جعل التقليدية والنمطية وعدم التجديد يستمران في روتانا، الأمر الذي لا نتمناه أيضا للقناة الإخبارية التي سيتم إطلاقها قريباً والتي من المفترض أن تنافس قنوات عملاقة في هذا المجال مثل الجزيرة والعربية.
على القائمين على روتانا أن يعوا جيداً أن مرحلة المادة والتكتلات والتحالفات قد اختفت، هذا الجيل يعترف فقط بالأعمال الجيدة والمتقنة وإلا لم نجد عملاً مثل (37 درجة مئوية) الشبابي يكتسح نسب المشاهدة متفوقاً على (بيني وبينك) و (غشمشم) وغيرها من الأعمال التي يتم إنتاجها منذ سنوات وميزانيات تفوق أضعاف ما تم صرفه على مسلسل (37 درجة مئوية) الذي تم رفضه من جميع المسئولين في إدارة mbc قبل أن يفرض الشيخ الوليد بن إبراهيم بـ (شجاعة) رأيه على البقية ويصر على عرض المسلسل ضمن باقة البرامج.