تخيل أن لديك نافذة صغيرة في غرفتك، تطل منها على مجلس كبير أو ديوانية شهية روادها من جميع أنحاء العالم، من اليابان شرقا وحتى الولايات المتحدة غربا وما بينهما، تخيل أن منهم مشاهير بحجم باراك أوباما وأوبرا وينفري ولاري كينج، ومشاهير من العالم العربي مثل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ومحمد البرادعي وغيرهما من الشخصيات المؤثرة في السياسة والفن والصحافة والأدب. تخيل أنه مفتوح 24 ساعة، لا يتوقف رواده عن الكلام، عن إطلاق التصريحات وإبداء الآراء الساخنة، أجمل ما فيه أنه متفهم ويعلم أنك لست مهتما بمتابعة آراء أناس لا تجذبك أفكارهم، ولا تستسيغ تحليلاتهم، لذا منحك الحرية الكاملة في إلغاء هؤلاء من المجلس ومتابعة أخبار وآراء وكلمات من تحب فقط بل والرد عليها أو نقلها لمن تحب.. قد تقول بأن هذا خيالا جامحًا يصعب على المجنون تصديقه فكيف بالعاقل؟ ولكن صدق أو لا تصدق، تلك النافذة السحرية أصبحت حقيقة اسمها «تويتر» ذلك الموقع الذي غيّر منذ انطلاقته على الشبكة العنكبوتية شكل العالم وخريطته، أسقط أنظمة ورفع أخرى، أطلق مبادرات وحملات، وطالب مستخدموه بالكثير من الحقوق الضائعة.. (توتير) كان الوسيلة والأداة التي حققت بها الغايات والأهداف ولا تزال فهنيئا لكل من أتقن سحر الإعلام الجديد.
***
أحمد الشقيري وللعام السابع يطل علينا بطاقته المتجددة والمتوقدة، وآماله وأحلامه التي لا تنضب لأمته، يجوب العالم شرقا وغربا، يغزو البلاد سلما، ويقتحم المدن، تكاد تتجمد أطرافه وهو يتقلب في شتاء كوبنهاجن وأوسلوا الاسكندينافية بحثا عن أسرار تطورها وأمنها وسمو عدلها على أبناءها، ويجوب أحياء اسطنبول منقبا عن مصدر تلك الرائحة المنعشة الزكية الذكية التي تخرج من أطرافها، ثم يقلع إلى دبي، وجه الخليج الجميل والحضاري، والتجربة التي أسرت الموطن العربي بل وحتى الأجنبي وأحرجت الحكومات العربية التي لا تمل الحديث عن المشاكل في حين ورطت دبي نفسها في البحث عن الحلول. ها هو ذلك الشاب النشيط المتوقد يدلف مصانع الصين متوشحا رداء العمال، يرتدي القفازات ويقحم أنفه في كل التفاصيل التي نبعت منها أنوار وحضارة تلك البلدان، يزور المدارس والسجون والمحاكم والمطاعم بلهفة طالب العلم على المعلومة، بعطش الصائم إلى الماء، بجدية الغيور على دينه وأمته ووطنه، وبعزيمة الشاب أدرك مبكرا أنك يجب أن تغير نفسك أولا ثم تغير العالم.. أحمد الشقيري لقد أديت الأمانة بشرف وإخلاص فشكرالك.
***
مازال بشار الأسد يدير ويسير آلة التدمير باتجاه شعبه، فألهم ذلك المشهد أحد المستشارين التركيين إطلاق كلمة تصف واقع الرئيس السوري حيث قال: (الرئيس السوري هو ألد أعداء نفسه).
بشار الأسد الذي أوحى لسورية والعالم بمظهره وعمره ودراسته وفصاحته أنه الرجل الذي سيبث الحضارة والحرية والعدل في عروقها من جديد، هيئته وظهوره في الأماكن العامة بدون حرس مدجج، إطلاقه سراح مئات المساجين السياسيين، منحه الدراما السورية جرعات مضاعفة من الحرية والدعم أشاع مناخًا من التفاؤل أننا أمام سورية عصرية، ولكن ذلك التفاؤل مات مبكرا حين أطبقت أجهزة الأمن على الحياة ودخلت حينها سورية نفقا مظلما لم تعرف أين سيبزغ النور منه حتى الآن.
بشار الأسد -الذي لطالما حلم بسدة الرئاسة وسعى لوراثة الحكم، حيث غير عمر رئيس الجمهورية في الدستور السوري من 40 إلى 34 عامًا- مازال يعاند ويكابر ويتوعد بالقضاء على الإرهاب والإرهابيين وهنا يخطر على بال كل مواطن سؤال بري.. هل الإرهابيون هم الـ124 طفلا الذي سقطوا خلال أيام الاحتجاجات؟ هل هم الأرامل والثكالى والعجزة؟ هل قضيت على الإرهاب بقطع الكهرباء والماء والاتصالات عن الأسر التي فيها من هو مريض وعاجز وقاصر؟ هل حافظت على الأمن والاستقرار بتشريد الآلاف من النساء والأطفال إلى تركيا ولبنان؟ هل سألتك نفسك لماذا قامت هذه الاحتجاجات؟ وفي تلك الحرب اللامتكافئة.. من أحارب؟ أسئلة مؤلمة تطعن في الجروح وتؤكد أننا أمام طبيب عيون لا يفرق بين الماء والدم.
نبض الضمير:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على النفس من وقع الحسام المهند