إن اهتمام العالم العربي في البحث العلمي لا يلبي طموحات الحكومات والشعوب العربية والدليل على ذلك أن الدولة العبرية التي فُرضت على التراب الفلسطيني يفوق اهتمامها بالبحث العلمي الدول العربية مجتمعة في شتى أنواع مجالاته النظرية والعلوم البحتة والتطبيقية والتقنية مما يتطلب من الدول العربية الاهتمام بالبحث العلمي منفردة ومجتمعة ولا يقتصر على أهداف التعليم الجامعي التي منها البحث العلمي، يل يتطلب إنشاء مؤسسات تُعنى بالبحث العلمي وعلى سبيل المثال مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية التي أرست قواعد للبحث العلمي من خلال برامجها المتنوعة التي تنفذ داخل المدينة، بالإضافة إلى دعمها للبحوث التي يقوم بها بعض أساتذة الجامعات والمهتمين بالبحث العلمي ولكن هذه الجهود إذا قيست بحجم المنشآت التي هُيئت لها والميزانية الضخمة التي تُوضع لها عاماً بعد عام نجد أنها لم تصل إلى الطموح المطلوب حتى الآن وغيابها عن دعم مؤسسات القطاع الخاص التي يفترض أن تكون حاضرة في أروقة المدينة حتى ولو كان هدفهم الربح المادي طالما أنهم يقومون بأعمال لخدمة البحث العلمي، فلهذا لا بد من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أن يكون من اهتماماتها دعم القطاع الخاص والعلماء الذين لديهم الرغبة لخدمة البحث العلمي وخصوصاً الذين إمكانياتهم المادية لا تساعدهم على ذلك، وأذكر بهذه المناسبة مبادرة بعض الأكاديميين إنشاء قاعدة بيانات شاملة لمنظومة المعرفة التربوية والاقتصادية والإدارية والطبية وعلوم الشريعة والقانون وقد أطلقوا على اسمها (دار المنظومة) وقد عرضوا فكرة إقامتها على معالي مدير عام مكتب التربية العربي لدول الخليج الدكتور علي بن عبد الخالق القرني على أن يكون المكتب هو الانطلاقة لتفعيل أعمالها، وقد رحب معاليه بهذه الفكرة وجعل كل إمكانيات المكتب والمكتبة في متناول أيديهم وبالفعل تحقق لهم ما يطمحون إليه في بداية إنشاء هذه الدار لأنها أسست قاعدة للانطلاق من خلالها لشراء حقوق الملكية الخاصة بالنشر باعتبار أن مكتبة المكتب يُوجد بين موثقاتها المئات من الدوريات العلمية في شتى أنواع المعرفة ولا سيما التربوية والتي سهلت عليهم الوصول إلى نوعية هذه الدوريات العلمية والقائمين على إصدارها الذين تم التواصل والتفاوض معهم بشأن الاتفاق على دفع رسوم مالية لهم لقاء الحصول على هذه الدوريات والمؤتمرات التيصدر في الوطن العربي، وقد تحقق في هذا الشأن الشيء الكثير الذي بموجبه يمكن دار المنظومة الحصول على هذه الإصدارات بشكل منتظم ويمكنها إدخالها في قاعدة بياناتها والتي أصبحت واقعاً ملموساً بدأ الكثير من الجامعات السعودية والعربية من الاشتراك فيها خدمة للباحثين من أصحاب الدراسات العليا وأساتذة الجامعات وهي الآن حسب ما علمت من بعض المهتمين أنها من أوائل مؤسسات القطاع الخاص العلمية في الوطن العربي لأنها أُقيمت على أسس علمية متقدمة ومن خلال أكاديميين متخصصين.
أخي القارئ الكريم: ما أوردته في هذه المقالة هو نموذج من الأكاديميين المبادرين فكيف لو تم وضع نظام من قِبل مؤسسات البحث العلمي في القطاع العام لدعم مثل هذه المشاريع في القطاع الخاص، سوف نجد العشرات إن لم يكن المئات يقبلون على إنشاء مؤسسات لخدمة البحث العلمي في شتى المجالات.
والله من وراء القصد.
مكتب التربية العربي لدول الخليج