قلنا في المقالة السابقة إن الدم السعودي قد امتزج بالدم السوري دفاعاً عن دمشق في حرب تشرين إذ إن الجيش السعودي دون سواه من الجيوش العربية قد أسرع بالمشاركة (الفعلية) في تلك الحرب وبدأ عملياته الحربية منذ صباح يوم الأحد 18 رمضان الموافق 14 أكتوبر 1973، وقد أُلحق بالفرقة السورية السابعة مشاة والتحم مع العدو الإسرائيلي في تل مرعي وجبل الشيخ والكسوه وقد أسقط طائرة إسرائيلية بمدفع (ا.د عيار 106) على يد العريف البطل حماد العمراني والجندي نومان العطوي، وحينما تحول الأمر إلى مجرد دفاع عن دمشق استبسل اللواء العشرين السعودي الذي كان يملك مصفحات (بأنهار) ومدافع (106) وهكذا إلى أن انتهت الحرب إلى ما انتهت عليه بعد أن قدمت المملكة العديد من جنودها كشهداء للواجب القومي (والمصير المشترك) الذي لم يعمل به اليوم الرئيس بشار الأسد رغم أنه من أساسيات حزبه القومية(!!) بل ركب رأسه ولم يعبأ بالمصير الأسود الذي ينتظره وينتظر شعب سوريا البطل والذي حذر منه خادم الحرمين ولم يتعظ بما حدث لغيره من الحكام الذين جروا الويلات على شعوبهم وأنفسهم بشكل مريع ومُهين للأمة العربية كما حصل قبلاً لصدام حسين ومن بعده معمر القذافي رغم أن هؤلاء الرؤساء الثلاثة (صدام والقذافي والأسد) يزعمون أنهم يمثلون القومية العربية(!!) التي جلبوا لها -دون غيرهم- هذه المهانة التاريخية التي لن تُمحى من ذاكرة الأجيال.
أقول وبمناسبة ذكر المصير المشترك الذي لم يأخذ به أي واحد من الثلاثي القومي المذكور، إن الذين يعرفون المصير المشترك هم أولئك الرجال من الشهداء (السعوديين والسوريين) الذين يرقدون باطمئنان في مقبرة (نحبها) بدمشق تلك المقبرة المسماة بمقبرة الشهداء العرب والتي دأب الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد على زيارتها في كل مناسبة دينية ويقرأ على قبورهم الفاتحة وقيل إنه كان يذرف بعض الدمع متذكراً التلاحم العربي الصميم إزاء المصير المشترك حقاً أي أنه في الوقت الذي قدمت السعودية شهداءها منذ نكبة (1948) والذين بلغوا أكثر من (200) شهيد حتى حرب تشرين التي قدموا فيها الكثير من الرجال، أقول في الوقت الذي كان يستشهد فيه الجنود السعوديون كان الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز -طيب الله ثراه- يقطع النفط عن الغرب من أجل المصير العربي المشترك أي أنني أريد القول إن ما قدمته المملكة ودول الخليج لم يقتصر على الدعم المادي فقط بل بالرجال والمواقف والدماء. (ونُكمل).