|
الدمام ـ ظافر الدوسري ـ محمد السليمان :
أكد متداولون في سوق الأسهم المحلية عدم ثقتهم إلى درجة كبيرة باستخدام التحليل الفني والاعتماد عليه في التعامل في أوامر الشراء والبيع، على الرغم من صحة البيانات والنتائج التي تظهر على الرسومات, إلا أن الثقة في المنتديات والصالات والتوصيات الخاصة هي أقرب للتصديق, وأشاروا في حديثهم مع الجزيرة إلى أن تلك الدورات تعتبر ظاهرة جيدة.
من جانبهم ناشد مختصون في السوق الجهات المعنية والخاصة إلى التخطيط لعلاج ظاهرة المتداول المحلي وعدم وعيه بأهمية التحليل الفني الذي أصبح العالم كله يعتمد اعتماداً كلياً عليه بل وأصبح شرطاً من شروط الدخول في سوق الأسهم حتى يكون المتداول على دراية وعلم بكيفية التعامل مع السوق ومتى يدخل ويخرج, كما طالبوا بإدراج ثقافة التحليل الفني في مناهج التعليم حتى يكون لدى الأجيال المتعلمة ثقافة بسوق الأسهم حتى يكون لدينا نضج كامل سواء من طرف السوق ومن طرف المتعاملين معه بعيداً عن العشوائية التي نمت من جهل ثقافة السوق.
إلى ذلك شهدت صالة الأسهم غيابا كبيرا للزحام الذي كان معهوداً في السابق, مما يشير إلى وجود وعي كبير واهتمام بالتداول خارج الصالة, إلا أن عملية التحليل الفني تبقى غائبة.
جولة في صالات الأسهم
«الجزيرة» زارت صالة تداولات الأسهم في أحد البنوك بالشرقية، ووجدت عددا قليلا من المتداولين جلوساً والبعض لديه جهاز (لابتوب) يتابع محفظته الخاصة، وفي الجانب الآخر تتابع أبصارهم الشاشة الكبيرة لحركة الأسهم, وقال محمد الهاجري: لقد تدربنا على التحليل الفني لحركة سوق الأسهم لكننا أحياناً نقع في حيرة لوجود تناقض بين ما يدور في المنتديات وصالات الأسهم وبين نتيجة التحليل الفني, ولا أخفيك سراً أننا نميل كثيراً للرأي الأول, معللاً ذلك إلى عدم وجود ثقة تامة بالتحليل الفني, وارتياح من تحقيق النتيجة السريعة, بسبب أن التحليل الفني يعتمد كثيراً في مجال الاستثمار.
وقال محمد السويلم: لقد مرت فترة من الزمن ونحن نشهد إعلانات دورات التحليل الفني والشارت لكنها باءت بالفشل ولم تجد لها القبول لدى المتداولين بعد أن وجد البعض خلاف ذلك أو لم يستطع إتقان وتطبيق ما تعلمه على ارض الواقع, مؤكداً تلاعب بعض المحللين الفنيين المقدمين لتلك الدورات الذين قد يكون همهم الأول البحث عن مصالحهم الشخصية.
وقال فارس اليامي متداول شبه يومي لصالة الأسهم: إننا نؤمن بأهمية التحليل الفني لكننا على يقين بأن هناك معلومات تتسرب في الصالات من أصحاب النفوذ ثم تأخذ طريقها فيما بعد إلى المستثمرين العاديين تؤدي إلى تغيير حركة السوق إما الارتفاع أو السقوط, رافضاً التعليق على ما يقوله بعض المحللين بشاشات القنوات التلفزيونية، مكتفيا بالقول انهم في دائرة الاتهام وحب الظهور الإعلامي لكثرة مصطلحات التحليل الفني التي يحاولون بها تغيير تحركات أسعار بعض الأسهم، إلا أن تلك التحليلات باتت محل السخرية من المتداولين العاديين.
موظف الصالة
وقال موظف في إحدى صالات الأسهم: تصلنا أوامر شراء بناء على ما يدور من توصيات وتوقعات من الحضور في الصالات بقناعة ورضى أكبر من نتائج التحليل الفني لبعض الشركات, بسبب النظرة السوداوية للتحليل الفني وآراء المحللين في ذلك, ناهيك عن أن أغلب الأوامر كلها عمليات مضاربة عبارة عن بيع وشراء في نفس اليوم تقريباً.
وأكد على أن وعي المتداول في التحليل الفني ما زال قاصراً إلى درجة كبيرة وبحاجة إلى وقفة من الهيئات والجمعيات لعمل خطة توعية, مشيراً إلى أن الوجوه تقريباً هي التي تحضر بشكل دوري لارتياحها بالصالة فضلاً عن الاعتماد على الشاشة الصامتة والانفرادية.
رأي المحللين
وأكد خليفة البريك - محلل فني بسوق الأسهم المحلية أن التحليل الفني ودراسة حركة الأسعار عن طريق الرسوم البيانية واستخدامها للتنبؤ بحركة الأسعار في المستقبل لقي رواجا كبيراً في الآونة الأخيرة، وعلى نطاق عالمي, متمنياً تنامي هذا الفكر.
وذكر أن من الأساليب الناجحة في الاستثمار استخدام الرسومات ومن ثم كتابتها في برنامج يقوم بإعطاء إشارات الشراء والبيع وليس على المستثمر سوى تنفيذ هذه الأوامر وانتظار الأرباح الهائلة، مشيراً إلى أن التحليل الفني يقوم بتحديد أسعار الدخول وأسعار الخروج من السوق بالربح وأسعار الخسارة، وهذه عملية مهمة جدا بدلا من الدخول والخروج بعشوائية وهذا ما يحدث لغير مستخدمي التحليل الفني الذين يدخلون ويخرجون بشكل عشوائي, مما ينتج عنه خسائر فادحة.
وأكد سلمان المحمود ـ محلل اقتصادي، أن سوقنا المحلية تحتاج إلى دراسة علمية متعمقة في أسس ومفاهيم التحليل الفني بعيد عن العشوائية وتلقي التوصيات أو طرح التوقعات من الغير, مشيرا إلى أن التحليل الفني ما هو إلا طرح احتمالية لحركة واتجاه السوق مستقبلا ولا يمكن الجزم بذلك لعدم معرفة الظروف المحيطة به, إلا أن التحليل الفني يزيل غطاء العاطفة لكونه بني قراره على أساس واضح من رسومات بيانية فنية الذي لا يكذب صحيحاً, لكنه كما ذكرت في الغالب ما يكون جزءا مساندا لاتخاذ القرار، مشيراً إلى أن صاحب التحليل الفني ذو قراءة متأنية ويتحرك بثبات وبثقة قبل الناس سواء عند البيع والشراء باحترافية.
وأشار إلى أن السوق السعودي بحاجة إلى وقت كي يصبح أكثر نضجا وكفاءة، برقي وعي المتداولين والتعامل الصحيح مع السوق عبر استعمال التحليل الفني, لذا أناشد الهيئات والجمعيات المختصة بنشر هذه الثقافة مثلها مثل باقي الحملات الأخرى التي تعالج بعض الظواهر السلوكية والمرضية, مضيفاً يجب أن يصنف تعامل المتداول السعودي خصوصا الصغار منهم على أنه حالة غير طبيعية ويجب أن تعالج عبر نشر الوعي وثقافة سوق الأسهم الصحيحة.
الخدمات الإلكترونية تصيب الصالات بالركود
وارجع بعض متابعي سوق الأسهم السعودية غياب المتداولين عن صالات الأسهم إلى تعدد خيارات التداول وتنوعها أمام المتداولين وما يقدمه الإنترنت من خدمات سريعة وآمنة دفعت معظم المتداولين إلى مغادرة الصالات ومتابعة السوق من أي موقع آخر بواسطة جهاز الحاسب الآلي المحمول، في حين صنف آخرون أسباب الغياب إلى ضعف الإمكانات وبطء التداول في صالات البنوك خاصة فيما يتعلق بتنفيذ أوامر البيع والشراء واتخاذ القرار، وما يتناقله المتداولون أنفسهم خلال تجمعاتهم في الصالات من أخبار وشائعات تؤدي في نهاية الأمر إلى خسائر مالية كبيرة يتعرض لها البعض منهم.
كما شهدت صالات التداول في العديد من شركات ومكاتب الوساطة والبنوك المحلية في المنطقة الشرقية في الآونة الأخيرة عزوفا من المتداولين لم تشهده السوق من قبل مما أدى إلى ركود حركة البيع والشراء وتداول الأسهم في تلك المواقع.
التقنية الحديثة وضعت المتداول في حيرة
أما المتداول أحمد البوسعيدي، فأرجع الأسباب إلى تطور خدمات الإنترنت وتعدد وسائل التداول بحيث أصبح بإمكان أي شخص أن يتابع السوق من أي موقع، فالتقنية الحديثة وضعت المتداول في حيرة من الطريقة التي يفضل التعامل بها في سوق الأسهم, مضيفاً أنه من الطبيعي أن تشهد صالات البنوك تراجعاً في الحضور بسبب هذا التحول مع كثرة البدائل.
ويفضّل البوسعيدي، الاتصال بالشبكة العنكبوتية في المنزل, حيث يعده أفضل وسيلة لمتابعة السوق على اعتبار أن التداول من خلال الشبكة ومن أي موقع تكون موجودا فيه فإنك تستطيع اتخاذ القرار في الوقت المناسب بعيدا عن التدخلات وغيرها من الأمور التي كانت تحدث باستمرار في الصالات.
المتقاعدون الأكثر وجوداً
من جهته يقول نبيل الذوادي: إن غالبية المتداولين المتابعين للسوق من خلال صالات التداول هم من المتقاعدين الذين وجدوا في صالات التداول ما يشغل أوقات فراغهم، أما البقية فقد غادروا الصالات وتحولوا إلى خدمات الشبكة العنكبوتية بعد أن شهدت خلال الفترة الأخيرة تطورات مذهلة أسهمت إلى حد كبير في هذا التحول السريع.
وأضاف بدر السالم، أن هناك أسبابا أخرى أسهمت في عزوف المتداولين عن الصالات ومن أهمها انخفاض حجم القيمة المتداولة في السوق وتراجعها من 60 مليارا قبل موسمين تقريباً إلى 5 مليارات، أضف إلى ذلك هبوط المؤشر وتراجع السوق في بدايته الأولى قبل أربعة أعوام، وما صاحب ذلك من قرارات تصحيحية وتغييرات شملت كل ما هو معني بالسوق والشركات المدرجة به.
من جهته ارجع عصام أبو فلاسه، موظف في أحد البنوك المحلية غياب المتداولين عن صالات الأسهم إلى تعدد خيارات التداول أمام المتداولين وتطور خدمات شبكة الإنترنت، الأمر الذي دفع بغالبية المتداولين إلى اقتناء جهاز الحاسب الآلي المحمول لمتابعة السوق من خلاله ومن أي موقع كان، مضيفاً أن بعض المتداولين أصبحت زياراتهم للصالات متقطعة ومتفاوتة وان كانت في أوقات للسلام والتحايا في غالب الأحيان.
فيما قال أحد المتداولين إن قلة الحضور بصالات الأسهم يرجع لاعتقاد الكثير منهم بأهمية التحليل الفني, وتنامي هذا الوعي يعطي انطباعا بمستقبل واع بعيداً عن العشوائية والتوصيات الخاطئة.