رفعت مجزرة النرويج، وإن كان بشكل جزئي، الغمامة عن عقول وتفكير النخبة في أوروبا، وأخذت تراجع مواقفها في اتهاماتها السابقة للإسلام بأنه المسؤول عن شيوع التطرف والعنف في أوروبا والعالم! وانخرط عدد من الباحثين والمراكز العلمية البحثية لدراسة ظاهرة التطرف والعنف والإرهاب التي تنبع من انتماءات دينية ومذهبية وعرقية؛ فظهر أن الإسلاميين الأصوليين مسؤولون عن 4 % فقط من الأعمال الإرهابية في أوروبا التي يحمل الكثيرون فيها فزّاعة الإرهاب الأصولي، ويلوحون بها لغايات في أنفسهم ولأهداف غير معلنة، تكمن في محاربة الإسلام بوصفه ثقافة وحضارة شكّلت منارة علمية عالمية في عصور خلت عندما كانت أوروبا ترزح تحت أحكام محاكم التفتيش التي قضت على الكثير من العلماء بالموت.
وأعلن ايغور أليكسييف، وهو خبير روسي في الشؤون الإسلامية، أنه بعد مجزرة النرويج في شهر تموز/ يوليو الماضي سارعت قوى أوروبية لتوجيه أصابع الاتهام فوراً إلى جماعة «أنصار الجهاد العالمي» إلى أن أُعلن رسمياً مسؤولية المواطن النرويجي أندرس بريفيك عن هذه الجريمة البشعة.
وأضاف بأن المسؤولية عن ذلك التوجه الخاطئ تقع في جزء كبير منها على وسائل الإعلام الغربية التي «روّجت لمشاعر معادية للإسلام». فإضافة إلى نشر التحقيقات الصحفية، والمسارعة إلى إلصاق تهمة الإرهاب بالجماعات الإسلامية دون انتظار نتائج التحقيقات، أُلِّفت كثير من الكتب التي طغت عليها صبغة الكراهية والتحريض ضد المسلمين، فضلاً عن إنتاج المئات من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي صوَّرت الإنسان المسلم على أنه رجل إرهابي يعتمد على العنف في نشر معتقداته، وهذا ما أوجد مساحة من الخوف الممزوجة بالكراهية ضد كل مسلم وضد المسلمين عموماً، الذين هم عكس ذلك تماماً، وأن الشاذين المتطرفين منهم لا يشكّلون إلا نسبة بسيطة، بشهادة أبحاثهم ودراسات المعاهد العلمية المتخصصة عندهم.
jaser@al-jazirah.com.sa