قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، التوابون هم الذين يكررون التوبة ويعتادونها ويغتنمون الأوقات الفاضلة لتجديد التوبة والخشوع والخضوع لله رب العالمين.
والتوبة طهارة وتطهّر.. وعبادة عظيمة، فهي سبب لمغفرة الذنوب وسبب لمحبة الله جل وعلا للعبد.. وإذا أحب الله العبدَ حفظه ورفعه ووفقه وغفر له.
فإن كانت التوبة مطلوبة في كل زمان، فهي آكدُ في رمضان الذي تُفتح فيه أبواب الجنان، ويفتح الله أبواب رحمته ومغفرته وجوده وهو أرحم الراحمين.
قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}.
وقال جل وعلا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. ولا يحجبك أيها العبد المؤمن عن التوبة كثرة الذنوب، فالله جل وعلا عظيمٌ رحيم، قال سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (53) سورة الزمر.
فرمضان فرصة كبيرة للتوبة وتجديدها والصدق مع الله فيها، ففي هذا الشهر تُعتق الرقاب من النار، وتُغفر السيئات، وترفع الدرجات، وتُضاعف الحسنات.. وجميعنا بحاجة إلى رحمة الله جل وعلا.
فيا من أمضّك الشوق إلى المغفرة وأضناك لهب المعصية، أقبل على المولى جل وعلا، فالله يفرح بإقبالك ويُقبل عليك، ففي الحديث القدسي: (يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة).
وإذا صحب التوبة أوبة وخشوع وصدق نية وندم على ما فات كان أدعى لقبولها ودوامها.
والتوبة يعظم أجرها بقدر ما يقر في قلب العبد من تعظيم وإجلال لله سبحانه وتعالى.
وفي الحديث القُدسي: «يا ابن آدم؛ إنَّك ما دعوتني ورَجَوتني، إلاَّ غَفَرت لك على ما كان منك ولا أُبالي، يا ابن آدم، لو بلغَتْ ذنوبك عَنان السماء، ثم استغفرتني، غَفَرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا، ثم جِئتني لا تُشرك بي شيئًا، لأتيتُك بقُرابها مغفرة»؛ أخرجه الترمذي.
* الرياض