تحتاج إدارة السير (المرور) قبل أجهزة الرادارات إلى تطوير مفاهيم منسوبيها في ثقافة إدارة السير والسيطرة عليه لنجير انخفاض نسب الحوادث والوفيات إلى تطور مهاراتهم وكفاءاتهم وإلا فلنكن واضحين في أن هذا الانخفاض إنما جاء نتيجة استثمار قصور المرور في أداء واجبه.
احترام نظم السير لا يظهر إلا من خلال ثقافة الانضباط، ولا يمكن لهذه الثقافة أن تثمر دون أن تتهيأ لها عوامل النجاح، ومن العوامل المشجعة لنمو وتطور ثقافة السير أن تتوفر الطرق والشوارع السليمة مروريا من حيث المداخل والمنافذ والسعة والضيق والسلامة من المعوقات كالحفريات والمطبات الصناعية وملاسة الإسفلت وتناسب وانتظام الأرصفة من حيث العرض والارتفاع في الجانبين بحيث تصبح المواقف الجانبية داخلة ضمن مساحة الرصيف، وكذلك بين المسارين بحيث تخلو من مصابيح الإنارة أو التشجير إلا إذا توفرت لها المساحة الكافية بحيث لا تسمح لتمدد أغصان الشجر أن يدخل إلى الطريق وأيضا لا تكون في مواجهة أي مركبة انحرفت اضطرارا إلى أعلى الرصيف، ومن العوامل أيضا أن تشهد الطرق والشوارع تواجد رجل السير اليقظ لأي خطأ أو تجاوز مهما كان بسيطا وإيقاع العقوبة حتى على أسهل وأقل الأخطاء ليكون ذلك إشعارا بحيوية الانضباط والتقيد بقواعد السير, شرط أن يكون التعامل بين رجل السير وقائد المركبة في الإيقاف جانب الطريق محكوما بقواعد ثابتة لا تتغير حسب مزاج أو نشاط أو كسل رجل السير أو حالة الطقس، فالأصل في هذه الحالة أن يشير رجل السير لقائد المركبة للوقوف بيده وليس من مكبر الصوت ثم يتبعه بسيارته إلى جانب الطريق الآمن ويقف خلف مركبة الموقوف بمسافة لا تقل عن خمسة أمتار وبشكل متقدم لمركبة المرور عن المركبة الموقوفة لتسمح بمساحة آمنة لرجل السير بالوقوف أمام نافذة قائد المركبة الموقوفة بشكل مستقيم بما لا يسمح له بالنزول من مركبته ثم يبلغه بمخالفته بكل احترام بصرف النظر عن سنّه أو حتى هيئته ويبين له نوع المخالفة التي سيوقعها وقيمتها ومدى تاريخها ثم يودعه بلطف، وهنا يكون قد جمع النظام والاحترام والحزم والتعامل الحسن في بوتقة واحدة ونقلها كرسالة لقائد المركبة المخالف لتعيد تشكيل وعيه وثقافته وتطورها نحو حسن استخدام الطريق، ومن العوامل المشجعة لنمو وتطور ثقافة السير أيضا ضبط مخالفات الوقوف الخاطئ سواءكان أمام إشارة المرور أو في المواقف الجانبية، ولأني أعلم يقينا أن جهاز السير أعلم مني بطبيعة عمله إلا أني أوردت هذه الأمثلة لأبين أن رادارات ساهر لا علاقة لها بكل ذلك، وبالتالي فإن تجيير انخفاض النسب للحوادث لهذه الشركة لا يعدو عن كونه دعاية لمنتج تقني ولا يعني بأي حال تغيرا في الأداء البشري. ولقد أثقلت هذه العدسات المختفية في الزواياباطن المركبات التمويهية عاتق المواطنين البسطاء بالمخالفات المالية التي اقتطعت ماخصص للعلاج وسداد المستلزمات الضرورية، حتى وصل الأمر إلى أن يقترح جهاز السير على المواطنين المثخنين بهذه المخالفات لتسديدها بطريقة الأقساط، والحق أن المخالفات التي تتعدى ثلاثا على أي مركبة لابد أن يتحملها جهاز السير نفسه، إذ لماذا لا يتم إيقافه في المخالفة الرابعة وسحب المركبة إلى حين يتم السداد طالما أن جهاز السير مصر على هذه... لن أقول الجبايات ولكن أقول المخالفات الساهرية، ولماذا ينتظر رجال السير المخالفون مهما بلغ عدد مخالفاتهم إلى حين يحتاجون لمراجعته في مكاتب إداراته ؟
hassam-alyemni@hotmail.com