|
من أعظم ما جاء في محاسن الدين الحنيف وكله محاسن الدعوة إلى التحلي بالأخلاق الفاضلة لما لها من أثر عظيم في سعادة الفرد ورقي الأمة وتقدمها، وقد يكون الاتصاف بالأخلاق فطرة وجبلة فطر عليها الإنسان، وقد ينالها الإنسان بالاكتساب والمحاكاة والقراءة والاطلاع، وكل النوادي الصيفية التي تقيمها الجامعة في مناطق المملكة قائمة على هذا المبدأ العظيم، فالطالب تتربى نفسه فيها على الأخلاق الحسنة والتعامل الفاضل بما يتلقاه من محاضرات وكلمات وبما يشاهده في واقع حياته في المناشط والبرامج.
ويتدرب الطالب على هذه الأخلاق الحسنة حتى يعلم أنها مرتبطة بالإيمان بالله لأن التحلي بها دليل على كمال الإيمان وتركها دليل على ضعف الإيمان، وارتباط الأخلاق بالإيمان يرد كثير في القرآن، بل هو ظاهر وواضح جلي لمن قرأ القرآن وتدبره وعمل بما فيه.
والملاحظ على كثير من الشباب أنه يعاني مشكلة في حياته في أزمة الأخلاق وهذا الأمر قد يكون إلى الانبهار والانخداع بما عليه الناس اليوم من انفتاح على العالم وتوسع في طرق التقنية الحديثة، حتى أصبح التأثر بما عند غير المسلمين ظاهراً في تصرفات كثير من شبابنا.
ولكن الشاب الصالح الواعي لنفسه يسعى إلى الاستقامة الصحيحة على أخلاق الإسلام فهي التي تصنع له السعادة وتجعله في أعلى رتبة بين الناس إلى حبه والثناء عليه فضلاً عما فيها من الأجر والثواب.
وأكثر المشكلات التي تعانيها المجتمعات الإسلامية في هذا العصر لا ترجع إلى جوانب الحياة الأخرى بقدر ما ترجع إلى الجانب السلوكي والخلقي، لأن اختلال الأخلاق واضطراب القيم يؤدي إلى الانهزام وزعزعة البناء الأسري وخلخلة نظام المجتمع، ومن سنة الله في خلقه أن النفوس والمجتمعات لا تصلح إلا بالأخلاق الكريمة، وإذا فقدت الأخلاق من النفوس أظلمت الآفاق وسادت الفتن حاضر الناس ومستقبلهم.
والشاب المسلم أحوج ما يكون إلى التحلي بالأخلاق الفاضلة وهو واجدٌ لها في دائرة النوادي الصيفية في جامعة الإمام لأن برامجها تنطلق من تعاليم الإسلام السمحة، وتعمق في نفوس الطلاب سلوك الأخلاق من خلال مشاركاتهم في المناشط والفعاليات واللقاءات داخل تلك النوادي، فلا يسمع الطالب في تعامله إلا الكلام الطيب، والقول الحسن، والحث على الصدق، وتعويد النفس على الصبر، والقيام ببر الوالدين، والوفاء بالوعد والعهد، وأداء الأمانة، ومعرفة حقوق الأخوة.
إن الشاب المسلم إذا تربى على الأخلاق في مثل هذه النوادي الصيفية التي تحفظ له وقته سوف يسعد بها في حياته وتسعد معه أسرته بها، وربما كان هذا الشاب سبباً في نشر هذه الأخلاق بين أهله وإخوانه وجيرانه وزملائه حتى يصدق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وشاب نشأ في عبادة الله)، ويكون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
* وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية