|
الإحساس بالحرقان في منطقة الصدر والألم بالمعدة بعد تناول بعض الأطعمة أعراض لمرض بسيط ولكن إهماله يجعله يتفاقم ليصبح حالة مرضية مستعصية العلاج، ففي حال الشعور بتلك الاعراض بالإضافة إلى الإحساس بطعم الحامض وغصة في الحلق أو صعوبة في البلع وسعال مزمن، فلا تتهاون في التوجه للطبيب الذي سيخبرك بأنك مصاب بالارتجاع المعدي المريئي Gastro esophageal reflux disease حيث يوجد بين المعدة والمرئ صمام يسمح بمرور الطعام من المرئ إلى المعدة وليس العكس.
أعراض الارتجاع المريئي.
ولكن عندما لا يؤدي هذا الصمام دوره بشكل سليم فإنه لا يعود هناك ما يمنع عصارة المعدة من الرجوع منها صاعدة إلى المريء، مسببة ارتجاع العصارة المعدية الحامضة إلى المريء، والذي بطبيعته لا يتحمل حموضة المعدة العالية، مما يتسبب بتغيرات في المريء وتغير في الصوت وآلام في الصدر تشبه إلى حد كبير آلام القلب، وقد يتسبب بإيقاظ المريض من نومه نتيجة شعوره بشرقة أو بضيق حاد في التنفس بسبب دخول السوائل المرتجعة من المعدة إلى القصبة الهوائية.
التهابات المريء
إلا أنه لا تتواجد كل هذه الأعراض في مريض واحد، فأعراض الارتجاع كثيرة ومتنوعة وتختلف من مريض إلى آخر، وقد يسبب بالإضافة إلى الأعراض التهابا في المريء وتضيقاً أحياناً.
عوامل تزيد من شدته
وللارتجاع عوامل تزيد من شدته حيث إن تناول ما يزيد إفراز الأحماض في المعدة يجعل من الارتجاع أكثر أثراً وأشد ضرراً. وهناك عوامل تسبب هذا الارتخاء أو التوسع أو تسبب زيادة إفراز أحماض المعدة، منها امتلاء المعدة بالطعام والسمنة وتناول بعض المأكولات والمشروبات الغازية والشاي والقهوة، والشيكولاته والفلفل والشطة والنعناع والكاتشب، كما أنه أحيانا يكون الارتجاع مترافقا بفتق فم المعدة مما يضعف كثيراً عمل الصمام الهام.
المنظار العلوي للتشخيص
أما التشخيص فيبدأ بعمل منظار للجزء العلوي من الجهاز الهضمي وقد يحتاج الأمر إلى قياس ضغط المريء، وتركيب جهاز خاص لمدة أربع وعشرين ساعة لقياس درجة الحموضة في البلعوم والمريء لتبدأ بعده مراحل العلاج.
العلاج التحفظي أولا
حيث ما يبدأ الطبيب في الغالب علاج تلك الحالات بالطرق التحفظية التي تشمل تغيير العادات الغذائية للمريض بأن يتجنب أكل أو شرب المواد التي تزيد الأعراض، وتناول وجبات خفيفة متعددة بدلاً من ثلاث وجبات رئيسية وعدم الأكل قبل النوم بثلاث ساعات لتكون المعدة فارغة عند النوم والاستلقاء، كذلك عمل حمية صحية لإنقاص الوزن إذا كان هناك زيادة وزن عند المريض مع الإقلاع عن التدخين. أحياناً يلزم إعطاء أدوية تقلل الحموضة antacid أو أدوية تقلل إفراز الحامض المعدي H2 blockers وأدوية تحسن حركة المعدة وتقوي عضلة المريء السفلى.
التدخل الجراحي بعد فشل التحفظي
يتم اللجوء للتدخل الجراحي في حالة عمل كل الإجراءات السابقة مع العلاج لمدة أشهر ولكن لا يوجد تحسن للأعراض أو أن يحتاج المريض لأخذ العلاج طول العمر أو لا يستطيع أخذ العلاج بانتظام، كذلك في حال حدوث مضاعفات ناتجة عن الارتجاع مثل الالتهابات الرئوية أو تقرحات مزمنة في الغشاء المخاطي للمريء أو تغير في نوعية الخلايا للجزء السفلي من المريء التي قد تتحول إلى سرطان في بطانة المريء. Barrett›s oesophagitis
تحزيم المريء الأكثر شيوعاً
وتعتبر عملية تحزيم المريء بواسطة إحاطته بالجزء العلوي من المعدة باستخدام المنظار laparoscopic Nissen fundoplication هي الطريقة الأكثر شيوعاً في الوقت الحالي لعلاج هذا المرض.
فتحات صغيرة
تتم العملية تحت تأثير مخدر كامل عن طريق فتحات صغيرة أعلى البطن، حيث يتم تحرير الجزء العلوي من المعدة المتصل بالمريء ثم تدويره حول المريء لتحتضن الجزء السفلي من المريء بداخله مما ينتج عنه شد عضلة المريء ومنع السوائل داخل المعدة من الرجوع للمريء. يتمكن المريض من الخروج من المستشفى بعد يوم واحد من العملية والعودة للعمل خلال أسبوع بعدها.
نتائج متميزة
أما عن نتائج العملية فبصفة عامة حوالي 90 % من المرضى تختفي عنده أعراض الارتجاع خلال بضعة أسابيع ومعظم المرضى تختفي عنده الأعراض بصفة دائمة، وهناك بعض المرضى يعانون من صعوبة في البلع لبضعة أسابيع بعد العملية أو عدم القدرة على التجشؤ أو انتفاخ في البطن ولكن هذه الأعراض تختفي خلال أسبوع لأسبوعين بعد العملية بعد أن يزول التورم oedema في مكان العملية وتأخذ فتحة المريء مع المعدة حجمها وقوة انقباضها الطبيعي.
د.ماهر حمدان
استشاري الجراحة العامة وجراحات السمنة- الحاصل على الزمالة الفرنسية