قرأت في العدد 41120 تاريخ 24-6-1432هـ خبراً عن محاضرة ألقاها الدكتور فالح الفالح أستاذ الأمراض الباطنية بجامعة الملك سعود استشاري أمراض الكبد بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التهاب الكبد، تحدث فيها عن أنوع الأمراض السائدة للكبد وأنواع الفيروسات المسبّبة للمرض في المملكة وأساليب نقل الفيروس التي منها استخدام الإبر الملوّثة والأدوات الشخصية ومن الأم المصابة إلى المولود، ولم يذكر أو يضيف انتقال الفيروسات عن طريق الاتصال الجنسي، ونظراً لحساسية الموضوع وأهميته وإدراج المصابين بفيروسات الكبد ضمن قائمة الممنوعين من الزواج، ونظراً لأهمية الموضوع وحساسيته ونظراً لإفادة مدير برنامج فحص ما قبل الزواج بوزارة الصحة أنّ الذين تم منعهم من الزواج أثناء الفحص والمصابين بالتهابات كبدية بلغ عددهم (2647) - ألفان وستمائة وسبعة وأربعون - من الجنسين، وحيث إنّ حكومتنا الرشيدة ممثلة بوزارة الصحة الموقرة، قد سنّت نظام فحص ما قبل الزواج للمتزوج والمتزوجة على حد سواء، وذلك للتأكد من أمراض الدم الوراثية (الأنيميا المنجليّة والتلاسيما) والأمراض المعدية، نقص المناعة المكتسب - الإيدز، والالتهاب الكبدي ب، ج، ولاشك أنّ هذا النظام ذو محاسن كثيرة بإذن الله تعالى ويجنب الطرفين الزوج والزوجة بل والأولاد مستقبلاً مشاكل كثيرة هم في غنى عنها، وستوفر الوزارة مبالغ باهظة من جراء عدم علاج الأطفال والزوجين في حالة وجود مثل هذه الأمراض التي تكلف مبالغ خيالية، وهذا ولاشك أنّ له إيجابيات كثيرة تعود على الوطن والمواطن بالخير في المستقبل إن شاء الله تعالى، بيْد أنّ هناك بعض الملاحظات أو قل الاعتراضات على إدخال الالتهابات الكبدية في هذا الفحص، ذلك لأنه حسب علمي الشخصي واطلاعي المستمر، إذ إنني لست طبيباً بشريا ولا متخصصاً، أنّ الالتهابات لا تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي وإنما تنتقل عن طريق الدم الملوّث إذا ما تم نقله إلى مريض محتاج وهو ملوث بالفيروس الكبدي، وكذلك استخدام الحقن الملوّثة وأدوات الأطباء غير النظيفة والمعقّمة لاسيما أطباء الأسنان وأدوات الحلاقة للشخص المصاب وفرشاة الأسنان وأدواته الشخصية الأخرى كمقص الأظافر وخلافه، ثم أيضا عن طريق المخدرات وأدوات استعمالها، هذا ما أستطيع قوله بأنّ مثل هذه الأشياء هي التي تنقل مثل هذه الأمراض، وهذا ما ذكره الدكتور الفالح في محاضرته، ولذا فإنني أتساءل لماذا نقف في طريق هؤلاءلذين ابتليوا بمثل هذه الأمراض، كفانا الله وإياكم وجميع المسلمين منها، لاسيما أنها أمراض مستعصية وقد تكون غير معروفة في الجسم وقد يكون الفيروس كامناً لمدة ثلاثين سنة أو تزيد، وقد يكون الشخص حاملاً للفيروس وهو لا يعرف، لأنّ الفيروس ربما يكون غير متحرك.. لن أخوض كثيراً في هذا الموضوع فأنا لست متخصصاً كما ذكرت، وقد يعلق أحد القراء الأكارم أو المسؤولين قائلاً ما دمت لست كذلك فلماذا الحديث عن ذلك إذاً؟ وللإجابة على هذا السؤال والسؤال السابق أن الذي شجعني على الخوض في مثل هذا الموضوع والكتابة فيه هو رحمة أولئك الذين ابتليوا بهذا المرض ومنعهم من الزواج ما دام لا يوجد هناك ما يمنع من ذلك، ثم اطلاعي على خبر محاضرة الدكتور فالح الفالح الاستشاري في أمراض الكبد، وهناك اطلاع سابق أيضاً على مقال لدكتور متخصص في أمراض الكبد والجهاز الهضمي أنار لي الطريق في هذا الموضوع الذي بدأ مقاله قائلاً: (في خطوة جيدة أقر فحص ما قبل الزواج في محاولة لتلافي أمراض وراثية مستوطنة وكذلك أمراض فيروسية معدية من الأهمية في أي مرض من الأمراض المعدية التي تضاف إلى القائمة أن يكون من الأمراض التي يكون الجنس فيها عاملاً مهماً في انتقال المرض، ومن هنا يأتي اعتراضي - والكلام للدكتور - على أن يضاف مرض التهاب الكبد الفيروسي ج «HCV» للقائمة إذ إنّ نسبة انتقاله عن طريق الجنس لا تتعدى 1% «واحد بالمائة» لدرجة أننا لا ننصح المريض المصاب باتخاذ أية إجراءات وقائية للمعاشرة بغض النظر عن كونه رجلاً أو امرأة)، هذا جزء صغير من مقال الدكتور المتخصص في هذا المجال ولن أتطرق إليه في مقالي هذا كاملاً، لكن ما أحب أن أتساءل كما يتساءل غيري ما دام هذا كلام أهل الاختصاص فلماذا أضيف فحص الفيروس ج إلى القائمة؟ ولماذا نقحم شبابنا وشاباتنا بأن يقوموا بمثل هذا الفحص؟ ثم ما موقف الوزارة الموقرة وأعني بها وزارة الصحة في حالة اكتشاف هذا الفيروس في أحد هؤلاء الزوجين ومنعه من الزواج؟ ألسنا نساهم مساهمة كبيرة في إيجاد الضغوط الاجتماعية والنفسية لدى هؤلاء الشباب والشابات؟ ثم أليس من الأفضل أن تكون مساهمتنا إيجابية لا سلبية في مساعدة الشباب على الزواج؟إنني في ختام مقالي المتواضع هذا أضع هذه المشكلة التي تؤرق عدداً من الشباب والشابات بين يديْ معالي وزير الصحة لدراستها عاجلاً وإزاحتها من قائمة فحص ما قبل الزواج خصوصاً إذا ما تم التأكد من ذلك، أا وإن المختصين قد أفادوا أنّ مثل هذه الأمراض لا تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، فإنّ الوزارة مطالبة مرة أخرى بصفة عاجلة وسريعة بالاهتمام في هذا الأمر لبيان الغموض حول هذا الموضوع، ثم إنني أتساءل كما يتساءل غيري لماذا يسمّي المسؤولون وعامة الناس وأحياناً بعض الأطباء هذا المرض بالتهاب الكبد الوبائي؟ هل هو مثل وباء الكوليرا وانفلونزا الطيور وخلاف ذلك، لقد حان الوقت لتصحيح مفاهيمنا ومعارفنا لكي تتناسب مع ما توصل إليه العلم في طفرته الهائلة في القرن الحادي والعشرين.أخيراً ومرة أخرى لا أحب الإطالة في هذا الموضوع فاللبيب بالإشارة يفهم، ولكن أحب أن أوضح في الختام نقطة هامة جداً ألا وهي أن هؤلاء المفحوصين ممن يحملون الالتهاب الكبدي ومنعوا من الزواج هم أمانة عظيمة في أعناق المسؤولين وحتى يتخلصوا من هذه الأمانة العظيمة، عليهم إيجاد لجنة طبية عالية المستوى تشترك فيها مجموعة كبيرة من المختصين لدراسة هذا الموضوع دراسة علمية طبية دقيقة واضحة، وإصدار النتائج التي توضح ذلك مستقبلاً، ثم إنّ على المسؤولين في وزارة الصحة استبدال مسمّى التهاب الكبد الوبائي باسم الالتهاب الكبدي لأنه ليس وبائياً كما ذكرت، وعلى وسائل الإعلام الأخرى تقع مسؤولية عظيمة حيال هؤلاء ... كان الله في عون هؤلاء الشباب والشابات، وسهّل الله أمورهم وعافاهم وجميع المسلمين، إنه سميع مجيب.
د. صالح بن عبد الله الحمد
d.salehalhamad@hotmail.com