|
يفتتح معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة - بمشيئة الله - الندوة التي ينظمها معهد الإدارة العامة بعنوان «الخدمات الصحية المقدَّمة من وزارة الصحة: الواقع والتطلعات المستقبلية»، وذلك في تمام الساعة الثامنة والنصف من صباح غد الثلاثاء 7 جمادى الآخرة 1432هـ، الموافق 10 مايو 2011م، بقاعة ابن خلدون بمركز الأمير سلمان للمؤتمرات بمقر المعهد بالرياض.
وبهذه المناسبة تحدَّث إلى (الجزيرة) عدد من مسؤولي وقيادات القطاعات الصحية في ندوة صحفية عن واقع الخدمات الصحية في المملكة، وسبل تطورها.
وكان المحور الأول لهذه الندوة عن (واقع الخدمات الصحية في وزارة الصحة في المملكة).
وقال د. عبد الله بن سليمان العمرو، المدير العام التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية: القطاع الصحي قطاع واسع وعريض، ويندرج ضمنه عدد كبير من المنشآت والكيانات التي تتفرع بدورها تبعاً لطبيعة تخصصها وعملها، هذه المنظومة المتكاملة هي المعنية بصناعة واقع الخدمات الصحية في المملكة، أما التقييم فهو يظل مسألة نسبية بالنظر إلى تعدد السياقات التي ينشط فيها مجال الخدمة الصحية، وإلى كونه مجالاً في حالة بناء وتوسع متواصل، رغم أن هذا لا يعني إغفال ما تحقق، ولا يعني كذلك الاكتفاء به. فالخدمة الصحية محور حيوي في حياة أي مجتمع، والمملكة تدرك أهمية توسيع نطاق هذه الخدمات لتلبي الاحتياجات القائمة حالياً وتطوير العمل الطبي وإمكاناته البشرية والعلمية والتقنية؛ ولهذا كان هذا المجال في طليعة أوجه صرف الميزانية العامة للدولة حتى وصل الإنفاق على القطاع الصحي إلى مستويات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، وهو ما يثبت أن تنمية الخدمات الصحية باتت خياراً استراتيجياً يتناغم مع بقية المسارات التنموية في المملكة.
نحن في بلد يشهد حركة متسارعة على المستويات السكانية والاقتصادية والاجتماعية، ومن الطبيعي أن واقع الخدمة الصحية يحتاج المزيد من التطوير والتوسع المنطلق من تخطيط واعٍ ومرتبط مباشرة بالمسؤولية عن المستفيد باعتباره المستهدف الأول والمقياس الفعلي لمدى النجاح؛ وبالتالي فالمرحلة الحالية هي رصد دقيق لمستوى الخدمة المقدَّمة وتعاون بين مختلف الجهات والمستشفيات، والتعرف على أبرز المتطلبات التي يحتاج إليها الناس في المجال الصحي، وإيجاد الحلول المبتكرة للعوائق، مع دعم ثقافة البحث العلمي، وتفعيل آليات للاستفادة من الخبرات المحلية والعالمية، سواء فيما يتصل بالتخصصات الصحية أو بالجوانب التنظيمية التي تُدير العمل الصحي في المملكة.
بحسب الواقع الحالي فالمملكة بصدد قيام مؤسسات صحية كبرى واستقبال أعداد من الكفاءات الطبية في مختلف التخصصات، وهذا الأمر يشهد تكاملاً بين القطاعَيْن الحكومي والخاص، وهو يسير وفقاً لرؤى بعيدة المدى انطلقت من معطيات وإحصاءات واقعية، وتعمل بالضرورة على وضع الخدمات الصحية في حيز الفائدة المباشرة التي يلمسها المستفيد على أرض الواقع أياً كان احتياجه.
ازدهار الخدمات الصحية باهتمام القيادات الرشيدة
د. سيف إبراهيم شودري، مدير إدارة الجودة والنوعية - مدينة الملك سعود الطبية: تطورت الخدمات الصحية في مستشفيات وزارة الصحة بشكل كبير وملحوظ، وأصبحت خدمات وزارة الصحة تتميز بالشمولية، وتحطي بالدعم الملكي، خاصة مع قرار خادم الحرمين الشريفين تخصيص مبالغ كبيرة لإنشاء مدن صحية في كل منطقة، إضافة إلى الموجود، وهذا يدل على حجم الدعم الكبير لقطاع الصحة في المملكة.
د. محمد بن عبد الله الشويعر، المدير العام لإدارة الدراسات والبحوث والنشر- مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني: تمثل الصحة حجر ارتكاز لأي دولة وأُمّة، وهي من الحاجات الأساسية؛ ليعيش الإنسان ويستمر في عمارة الأرض.
وفي المملكة العربية السعودية ازدهرت الخدمات الصحية باهتمام القيادات الرشيدة؛ فأصبحت تُخصَّص لها الميزانيات الضخمة للمساهمة في رفع الكفاءة الصحية، وهذا مُلاحظ في قلة الأمراض والأوبئة التي كانت تنتشر سابقاً؛ حيث تم القضاء على الكثير من الأمراض بفضل من الله ثم بتطوير الخدمات الصحية كافة في المملكة.
ولكن تبقى المشكلة قائمة في حاجة المجتمع إلى التوسع في إنشاء المستشفيات، وبخاصة المتخصصة منها، ونشرها في مختلف مناطق المملكة؛ إذ يعاني المواطنون القاطنون في المناطق الشمالية والجنوبية مشكلة مراجعة المدن الكبرى بسبب نقص المستشفيات المتخصصة؛ ما يترتب على ذلك ازدحام المستشفيات في المدن الأخرى، وكذلك زيادة التكاليف المالية على المريض في السفر والسكن خارج مدينته.
ومن المشكلات أيضاً نقص كفاءة بعض الأطباء والأجهزة الطبية؛ ما يتسبب في كثرة الأخطاء الطبية؛ الأمر الذي يترتب عليه بناء صورة ذهنية سيئة عن مستوى الخدمات الطبية.
د. يعقوب المزروع، الأمين العام لمجلس الخدمات الصحية: تُشكِّل الخدمات الصحية في وزارة الصحة العمود الفقري للخدمات الصحية في المملكة؛ حيث تغطي هذه الخدمات مناطق المملكة كافة ابتداء من الرعاية الصحية الأولية المقدَّمة عن طريق المراكز الصحية والمستشفيات العامة في مناطق المملكة كافة، وكذلك المدن الصحية التي تقدم خدمات متطورة وذات نوعية.
وتسعى وزارة الصحة، بالتعاون والتنسيق مع القطاعات الصحية الأخرى تحت مظلة مجلس الخدمات الصحية، إلى التكامل في تغطية الاحتياجات الصحية للمواطن في أنحاء المملكة كافة. وتستهدف الوزارة في الوقت الحاضر تطبيق مشروع الرعاية الشاملة والمتكاملة للرفع من مستوى خدماتها الصحية والاستفادة من الموارد الموجودة لديها بالشكل الأمثل.
التدريب وجودة الخدمات
وعن محور «أهمية تأهيل وتدريب وتطوير العاملين في مجال الخدمات الصحية وأثرة في جودة الخدمات الصحية المقدَّمة» يقول د. سيف إبراهيم شودري: يسهم التأهيل والتدريب المستمران للعاملين في مجال أحدث التطورات على تخصصاتهم، وكذلك على تطبيق معايير الجودة وتطبيق أهداف سلامة المرضى، في ضمان تطبيقها بالوجه الأمثل لضمان قيامهم بأعمالهم بشكل مناسب وملائم يضمن جودة الخدمات المقدَّمة وسلامة المرضى.
كيف ومتى يمكن الوصول إلى رضا المستفيدين عن الخدمات الصحية التي تقدمها مستشفيات وزارة الصحة في المملكة؟
د. عبدالله بن سليمان العمرو، المدير العام التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية: العمل الذي يؤمن بسقف الرضا يضع لنفسه حداً قد لا يستطيع تجاوزه، سواء كان هذا على مستوى مقدِّم الخدمة الصحية أو صناع قرارها أو المخطط لها والمستفيد منها، وهو ما يجعل الأمر أقل تحديداً من أن يستوعب بسؤال بطريقة «كيف» أو سؤال الزمن «متى». المعادلة الأكثر عملية في هذا الجانب هي العمل والاجتهاد بكل الطاقات الفكرية الموجودة والخبرات العملية المتوافرة، وبحسب خطط واضحة تصنع تراكم التجربة فتعزز إيجابياتها وتتلافى سلبياتها، والأهداف هنا ليست محطة أخيرة للوصول إليها، ولكنها ما يتحقق في الطريق. وفي حال حاولنا تلمس الشكل العامل لهذه الفكرة يجب أن ندرك أن المستفيد يملك الحق في تلقي الخدمة الصحية التي توفر له الرعاية الطبية بمختلف مستوياتها وبأسرع الطرق وأكثرها توفيراً لجهده ووقته، كما يطمح بأن يجد الآليات التي تسهل عليه الحصول على تلك الخدمة حيثما كان وبأكبر قدر ممكن من المهنية والمسؤولية، وكل هذه الجوانب وغيرها تمثل مؤشرات لمستوى ما تقوم به وزارة الصحة، وفي تقديري فإن تطبيق استراتيجيات حديثة وخطط تنموية داخل القطاع الصحي مع تعزيز ثقافة العمل المؤسسي والنقد البنّاء واستلهام التجارب والخبرات مع دعم التدريب والبحث، كلها عوامل سيكون لها دور كبير في استغلال ما توفره الدولة من دعم سخي لهذا المجال وتوظيفه بالشكل الأمثل، الذي سيكون مؤداه - بإذن الله - الارتقاء النوعي بالخدمة الصحية بحيث تحقق الفائدة الحقيقية، وتكون أقرب وأسهل وأفضل لكل محتاج لها.
تطبيق معايير سلامة المرضى
د. سيف إبراهيم شودري، مدير إدارة الجودة والنوعية - مدينة الملك سعود الطبية: كيف من خلال الاستمرار يتم تحسين أساليب تقديم الخدمة وتحقيق لوائح الانتظار وتوافر كوادر مؤهَّلة ومدرَّبة وكافية لضمان تطبيق معايير سلامة المرضى؟
متى تعكس الأنظمة الاستراتيجية الخمسينية لوزارة الصحة التطبيق الفعلي لذلك خلال السنوات الخمس القادمة إن شاء الله تعالى؟
د. محمد بن عبد الله الشويعر، المدير العام لإدارة الدراسات والبحوث والنشر - مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني: إن الوصول إلى رضا المستفيد ليس مستحيلاً؛ ذلك أن المريض لا يبحث إلا عن العلاج المتوافر والمناسب والتجهيزات النظيفة من مأكل وتمريض وكادر طبي يثق برأيه وعمله، فإذا وجد المريض اهتماماً به من قِبل المستشفيات العامة، وأصبح له مكان يعالَج فيه في أي وقت فإن علامة الرضا ستزيد من قِبل المستفيدين والمواطنين.
إضافة إلى توفير المستشفيات في كل مناطق المملكة بمواصفات عالية وتوفير الخدمات الصحية الكافية بها من أجهزة وأشعة متقدمة تقلل من ذهاب المواطنين إلى المناطق الكبرى في كل حالة مرضية، وهذا الأمر سوف يضفي على المواطنين علامات رضا كبيرة عن الخدمات الصحية في المملكة.
الوصول إلى رضا المستفيدين
د. يعقوب المزروع: إن الوصول إلى رضا المستفيدين من الخدمات الصحية مطلب مهم لقياس نجاح أي مؤسسة صحية في العالم. وتُعدّ عملية سهولة الوصول إلى الخدمة والاستفادة من الخدمات بيُسر وسهولة وحُسْن التعامل مع المستفيدين عوامل أساسية للوصول إلى رضا المستفيدين. ولدى وزارة الصحة في الوقت الحاضر عدد من البرامج التي تسعى إلى تطبيق هذه القواعد الأساسية، بما في ذلك استكمال شبكة المراكز الصحية والمستشفيات العامة، وكذلك تدريب العاملين وتوعيتهم حول حقوق المرضى وأسلوب التعامل الراقي معهم.
أهمية تطبيق معايير الجودة في المستشفيات وأثرها في رفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة
د. عبدالله العمرو: حين ننظر إلى طبيعة هذه الخدمات وارتباطها الوثيق بحياة وصحة الإنسان فإن هذا يستوجب إدراك أنها عمل شديد الدقة والمسؤولية والتأثير؛ وبالتالي فإن معايير الجودة في هذه الحالة لا تمثل ترفاً مهنياً لتقديم ما يفوق المطلوب، ولكنها تمثل ضرورة لاستيفاء حاجة المطلوب وتلبيتها بأكبر قدر من الاحترافية والمرونة والتناغم مع أحدث وسائل تقديم الخدمة الصحية في المؤسسات الطبية في مختلف أنحاء العالم. وأمر كهذا لا شك أنه سينعكس إيجاباً على واقع القطاع الصحي، ولاسيما حين تتحول «الجودة» إلى قيمة يضعها العاملون في المجال الطبي نُصب أعينهم؛ حتى تتبلور على شكل أسلوب عمل يدفع قُدماً بتطوير الإمكانيات المتوافرة وتنويع الأساليب وخلق روح المبادرة، ضمن إطار مبني على تحقيق الحدّ المطلوب من الخدمة الصحية بعناصرها كافة من بيئة وتعامل وتأهيل وتعاون وغير ذلك من جوانب تعود إيجابياً على مستوى راحة وسلامة المريض, وكذلك من حيث نجاح المنشأة وتطورها وسمعتها.
تطبيق معايير الجودة
د. سيف إبراهيم شودري: يساهم تطبيق معايير الجودة في تحسين أساليب تقديم الخدمات وضمان تقليل الأخطاء الطبية ما أمكن وعدم تكرارها، وتطبيق توعية المرضى وعائلاتهم بحقوقهم وواجباتهم؛ ما يساهم في منع انتشار الأمراض عموماً.
كما يعتمد تطبيق المعايير على مشاركة المرضى وعائلاتهم في صنع القرار المتعلق بالعملية العلاجية؛ ما يجعله عضواً فاعلاً ويساهم ذلك في تطبيق السياسات والمعايير المتعلقة بسلامة المرضى والإسراع في تحسين علاقتهم.
أبرز التحديات والمشكلات التنظيمية والتشريعية والمالية التي تواجه المستشفيات والجهات الحكومية ذات العلاقة والتي تُحدّ من تقديم خدمات صحية أفضل
د. سيف إبراهيم شودري:
التنظيمية: مركزية القرارات والتقنيات.
التشريعية: يجب تطوير الأنظمة والقوانين المتعلقة بتحسين أساليب التقنيات والعلاقة مع الخدمة المدنية وتطوير نظام التشغيل الذاتي.
المالية: عدم وجود استقلالية مالية للمستشفيات والمدن؛ ما يساهم في محدودية التصرف في بعض البنود واستغلالها بشكل أمثل ومناسب.