لقد كنت منذ شبابي من الأوائل الذين اعتمدوا وسائل التكنولوجيا الحديثة - التي أدركت أنها قد تولّد الإبداع وتؤدي إلى ربح فعلي. وبصفتي رئيس بلدية ريو دي جانيرو، استقدمت هذا المعتقد إلى عملي حيث أدخلت العديد من الابتكارات التكنولوجية الرامية إلى تحديث الإدارة العامة رغم الشكوك والنظرات الخاطئة حيال التكاليف.
واليوم، تأتي التكنولوجيا في صلب العمليات اليومية والتخطيط المدني في ريو. الواقع أنّنا نعمل على زيادة حجم الأموال المخصصة لتكنولوجيا المعلومات ضمن ميزانية بلديتنا، لأننا على يقين إلى أي مدى قد تحسّن التكنولوجيا فعالية الخدمات العامة وجودتها.
ونجم برنامجنا الخاص بالابتكارات التكنولوجية هو من دون منازع «مركز القيادة والسيطرة» الجديد (Command and Control Center) - وهو كناية عن غرفة أزمات حيث يتم جمع المعلومات الصادرة عن عدة أقسام بلدية بغية مراقبة المدينة والتركيز على توقع حدوث الكوارث الطبيعية والتخفيف من وطأتها، بخاصة العواصف والفيضانات. ويذكر أننا قد بنينا هذا المركز بالاشتراك مع «أي بي أم» (IBM)، و»أوراكل» (Oracle)، و»سامسونغ» (Samsung)، وشركات أخرى. وفي كل يوم، نتعلّم أكثر فأكثر كيف نعزّز قدرات المركز.
بيد أنّ التحدي الذي يطرح نفسه عند هذا الحد لا يتمثل في اكتشاف كيفية تشغيل الآلة، إنّما في معرفة كيفية التفكير خارج الإطار المعهود، وهو أمر غاية في الصعوبة في ظل نظامٍ بيروقراطيٍّ عام. فالتنسيق والعمل بين مختلف القطاعات لا يعد أمراً شائعاً في البرازيل، والأمر سيان بالنسبة إلى مسألة تبادل المعلومات مع القطاع العام. ولكنّ «مركز القيادة والسيطرة» هو الوجه التكنولوجي المتطور لخطة الطوارئ التي تشكّل مقاربةً جديدةً نحو إدارة الأزمات والدفاع المدني، وتضمّ ليس فقط السلطات العامة إنما أيضاً المواطنين الأفراد، والإعلام، وأطراف معنية أخرى. الحقيقة أنّ التحدي الفعلي الذي يواجهنا يكمن في حثّ سكان المدينة على العمل مع بعضهم البعض كفريق واحد.
ويعد «مركز القيادة والسيطرة» خطوةً كبيرةً إلى الأمام بالنسبة إلى الإدارة العامة في البرازيل. والعديد من الدول النامية على غرار دولتنا، يتمتع بخبرة بسيطة في تهيئة المواطنين لمواجهة الكوارث الطبيعية. ولكنّ التغيير المناخي يغيّر واقع الحال حيث باتت العواصف القوية والفيضانات أمراً مألوفاً كل عام.
وقد تساعدنا التكنولوجيا كثيراً على تحسين نوعية حياتنا، لكن في نهاية المطاف الأمر لا يتعلق بالإلكترونيات والبرمجيات، بل بالإبداع والابتكار، وإعادة التفكير بالطريقة التي نتولى بها الإدارة. وقد لا نحتاج دائماً إلى أحدث تكنولوجيا الاتصالات المتنقلة، ولكننا سنضطر دوماً إلى التفكير في كيفية القيام بالأفضل وإظهار ذكاء أكبر.
(*) رئيس بلدية ريو دي جانيرو.