عندما كان يدلهم الخطب.. وتهاجم الأمة النوائب وتغرق العواصم في دامس الظلام.. وتتعرض ثغورها للأذى والعدوان.. كانت مصر على الدوام السيف الذي يتحدى الخطوب والدرع الذي يواجه النوائب والساعد الذي يبعد الأذى عن الأمة، والفجر الذي ينبلج ليبدد ظلمات الليل الطويل... والنبراس الذي يقهر جيوش الظلام وعلى مدى العصور.. وعلى مر الأزمان كان لمصر في سفر التاريخ بيض الصفحات... ودوافع المجد والخلود وجليل الأعمال... جسيم التضحيات، تدفعها من أرواح شبابها الغر الميامين لتعيد للأمة مكانتها، وتحفظ عليها هيبتها وكرامتها، وعندما تعرضت الأمة لهجمات التتار واجتاحت جيوشهم عاصمة الخلافة وبطش عدوانهم بمنجزات بغداد وساموا أهلها الذل والهون وخيم الظلام على أرجاء الوطن العربي وانطفأ سراج العلم في المعاهد ودور المعرفة، خرج لهم من أرض الكنانة الفرسان الأشداء وهم يحملون مشاعل النور ورماح الإقدام، واستطاعت مصر العروبة والإسلام أن تسجل في «عين جالوت» الهزيمة المنكرة بجيوش التتار وأن تحول الأرض الفلسطينية إلى مقبرة لأحام قادتهم الذين جروا أذيال الخيبة والخسران، ويوم أن أصاب الأمة الوهن، وتعرضت ديار العرب والإسلام لسياط الغزو الصليبي... كان لمصر الدور المهم في دحر الغزاة وتحرير الثغور... وسجلت جحافل الأبطال التي خرجت من (قاهرة المعز لدين الله) هزيمة منكرة فوق أرض النيل وقوع ملك المعتدين (لويس التاسع) في الأسر. لقد كانت ولازالت مصر العربية وفية على الدوام... كريمة معطاءة... كانت أرض الكنانة تمسح بيدها الرحيمة جبين الأمة فتخفف من آلامها وتحتضن آمالها... فقد حفظت صفحات التاريخ لمصر العروبة دور الريادة في مقارعة الخطوب ومواجهة التحديات منذ فجر التاريخ وحتى هذه اللحظات التي نعيشها بكل ما فيها من قسوة وتحديات، لم تعش مصر لنفسها أبداً حملت على الدوام هموم الأمة وساهمت في تخفيف متاعبها وإلى رحاب أرضها سافر شبابنا لينهلوا من العلم والمعرفة.
نعم، ستبقى مصر أكبر بكثير ممن علت أصواتهم وتضاءلت أفعالهم واستمروا المتاجرة بدماء شعوبهم بخطب وشعارات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع.
حمى الله مصر وحمى شعبها وحكومتها لتظل للعروبة موئلاً وللأمة موطنا وللعدل داراً.
fahad.al7arbi@windowslive.com