صباح الجمعة الماضية اتجه اليمنيون لشوارعهم من أجل مواصلة التكتل ضد حاكم يتشبث بكرسيه, وأطلقوا على زحفهم «جمعة الوفاء»، والحديث عما يجري في دول عربية قريبة وبعيدة بينها اليمن، لم يعد إلا من مزيد الكلام، وعبثه.., بصراحة فالجور شديد، والفحش تتلون به مواقف المتمسكين بالكراسي وفي مقابلها مزيداً من الأرواح.., إذ لم تعد هناك موازين عقل يحتكم إليها، وفرغت في صدورهم تماما خانة الخشية وتقوى الله..
في الجمعة الماضية ذاتها، وفي الوقت ذاته منها، كان صباحها يشرق على بريطانيا متشحا بالفرح، ازدانت الشوارع ليس فقط بالأعلام، والبالونات، والألوان, بل بالوجوه التي أسفرت فيها الابتسامات عن بهجة مشتركة، وأطلق عليها الحالمون من المحرومين القلقين المضطربين في الدول العربية والإسلامية «جمعة الفرح»..
وشتان بين وجه الشوارع في اليمن وليبيا و..و.. وبين وجهها هناك، حتى أن كل البشر بلا مبالغة كانوا يتنسمون الفرح من الشاشات الناقلة، وأجهزة الاتصالات المتنقلة...الصورتان تتناقضان..بحسرة وأسف، بل بحنق وغيظ..
إذ شتان بين الصورتين..
فقوم يزوجون ويفرحون معا، ويهبون الفرح للجوار والأقاصي، وآخرون يبثون الأسى والقلق, والأمراض, والرعب, في صدور مواطنيهم، والمتابعين لما يجري داخل شراك النزاعات على السلطة..
لقد أصبحت الأفراح نادرة ومتلبسة بالكذب في مجتمعات المسلمين والعرب الذين تركوا للأهواء أن تعصف بهم ريحها ودواماتها، وبأيديهم أن يكونوا غير ذلك، ودستور السلام والأمان بين أيديهم لكن قلوبهم غفل..
بينما يعرف غيرهم كيف يشيعون الفرح بالعدل, والحق, ومشاركة المسؤولية, وإن جاء الفرح خاصاً جداً، في صورة باذخة أسطورية.
ترى هل هناك مدارس تعلم الفرح..؟
ومعلمون ينسجون فسائله، ويزرعونها في صدور الناس..؟
ويحيلون الحياة بين عيونهم للوحات مزخرفة بالبالونات والأعلام ودفء المشاركة..؟