طالعتنا وسائل الإعلام الأمريكية في صبيحة يوم الاثنين بخبر مقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وفق الكلمة التي أذاعها الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
و كانت سعادة الأمريكيين غامرة بعد سماعهم هذا الخبر فقد احتضنتهم ساحات وشوارع مركز التجارة العالمي السابق الذي شهد بصمة غادرة من بصمات ابن لادن، وميدان التايم سكويركذلك احتفاءً بمقتل زعيم تنظيم القاعدة الذي دوخ الاستخبارات الأمريكية طيلة عقدين من الزمان.
والسؤال الذي يلح في الأذهان بعد سماع هذا الخبر هو ما مصير الفكر الإرهابي الذي أسهم أسامة بن لادن في نشره بعد حرب السوفيت والذي عززه في نظام طالبان، ونشره بعد ذلك في العالم كله، ليصيب قلب أمريكا وميترو لندن ومنطقة الخليج وفي العراق، فقد أصبح فكراً عالمياً يديره تنظيم القاعدة من وسط جبال باكستان وكهوف أفغانستان.
فهل كان الفكر الإرهابي في العالم يسير ارتجالاً وفق قياداته المركزية؟ أم أن الأوامر تكون مرسلة من قبل ابن لادن عبر «مناديبه» أو عبر عباراته المشفرة في خطاباته التي تظهر بين الفينة والأخرى؟!
كلها تساؤلات يجدر الانتباه لها ومحاولة توضيحها بعد غياب رمز الإرهاب العالمي، وهل سيخلفه الظواهري في إدارته لسرطان القاعدة؟! الذي يستشري في العالم؟ وتستمر دائرة الإرهاب بإرهابي ينوب آخر، ويستمر الفكر يضخ في العالم ويؤثر على الشباب والمتطرفين دينياً.
ففي المملكة التي كانت أبرز من يتعرض للإرهاب وتتهم زوراً بأنها داعمة له! شنت حرباً على الفكر الإرهابي الذي سيطر على عقول بعض أبنائها المتحمسين لخدمة دينهم بطريقة خاطئة، فاستغل الإرهابيون حب الفداء والجهاد في غرس هذه القيم الإرهابية والتي تخالف القرآن والسنة ونشرتهم في المملكة والعراق ليقوموا بعمليات انتحارية تحت لواء الدين.
فاستطاعت وزارة الداخلية أن تحاصر الإرهابيين وتفرق جماعاتهم التي أظهرت مدى انتشارها وتغلغلها في المجتمع ووجود قنابل إرهابية موقوتة تنتظر من يشعل فتيلها، فاستطاعت أن تقبض على قياداتها وأن تقتل آخرين في اشتباكات مع رجال الأمن، وقامت بتأهيل أتباع هذا الفكر الضال، عبر مراكز التوعية وبرامج المناصحة حتى عاد بعضهم إلى جادة الصواب وإلى الفكر المعتدل.
إن هذه التجربة تعد مثالية في التعاطي مع هذا الفكر، لكن توجد عدد من التنظيمات الإرهابية خاملة في الدول العربية والإسلامية تحاول استهداف كل شيء يمكن أن يمثل الغرب على أرضهم، فمن سيكون محركهم بعد مقتل «الأب الروحي» لهم؟!
إن هذه فرصة مواتية لقيام ثورة فكرية تصحيحية لهذا الفكر الضال وتحاول انتشاله في العالم في الوقت الذي يعاني فيه أتباع الإرهاب فجوة ثقافية وانقطاعا في التواصل مع غياب زعماء الموت الذين بدأوا بالفناء واحداً تلو الآخر.
إن تنظيم القاعدة لا يمثل أسامة بن لادن فقط، بل يمثل توجهاً فكرياً ساد وانتشر تحت قيم التفجير والفساد في الأرض، ويجب محاربته بنشر قيم الوسطية والاعتدال، والضرب بيد من حديد على كل من يحاول أن يفسد في الأرض ويدمر مكتسباتها ويسيء للإسلام وهو يدعي الدفاع عنه، فكلنا نعلم ماذا جنينا من 11 سبتمبر سوى العداء للعرب والمسلمين، ورميت علينا تهم الإرهاب، وباسم الإرهاب انتهكت حقوق الكثيرين، وأصبحنا في نظر الإعلام الغربي قنابل متحركة! ولا أظن أن أحداً يرغب بأن تستمر هذه الصورة قائمة، ما دامت الفرصة قائمة لتصحيح ما أمكن بعد سقوط ابن لادن.