|
كثر الحديث هذه الأيام عن المجالس البلدية وسطرت المقالات، من قبل كثير من الكتاب الكبار، في أغلب الصحف، إن لم يكن في كلها، وهذا شيء جميل، وحسن، خصوصا في هذه الأيام التي تشهد التحضير للانتخابات في المجالس البلدية، وكنا نتوقع من هؤلاء الكتاب المحترمين والذين نحمد لهم متابعاتهم، واهتماماتهم بالشأن العام، وكل ما يهم المواطنين، أن يكرسوا كتاباتهم لدعوة المواطنين للإقبال على هذه الانتخابات، والاهتمام بتسجيل أسمائهم تمهيدا لانتخاب من يرونه كفؤا وقادراً على تحمل المسؤولية دون النظر لأي اعتبارات أخرى.
وأن يقوموا بتوعية المواطنين على أن هذه الانتخابات هي شكل من أشكال المشاركة في اتخاذ القرار، فليمارسوا هذا الحق الذي تسعى له كل فئات المجتمع في دول كثيرة، وهاهو قد جاء إلينا قرارا من ولي الأمر، استشعارا منه بأهميته ومواكبته لكل مظاهر التطوير والإصلاح الذي تشهده بلادنا...
ولكن.. ويا للعجب، نجد أن غالبية كتاباتهم تكاد تقول للمواطن: «لا تتعب نفسك» وقاطع هذه الانتخابات؟!
قد تستغربون من هذا.. ولكن أملي أن ترجعوا إلى أعداد الصحف المحلية في الأسبوعين الماضيين، ولن أسمي صحيفة ولا كاتبا، لأن هدفي ليس الدخول في مساجلات، وإنما أرمي إلى لفت الانتباه، وفي نفس الوقت أرسم كثيرا من علامات التعجب والاستفهام؟!
فكاتب كبير له قامته السامقة في الكتابة الصحفية يقول: الصلاحيات قبل الانتخابات، وردا على ذلك نقول: كلنا نعلم هذا ونأمل هذا ونتطلع إليه.. ولكن إذا لم تصدر هذه الصلاحيات هل نقاطع الانتخابات.. ولا نقبل بها؟! أم نقبل بها، ونُقبل عليها.. ونطالب بالصلاحيات، والتعديلات، والإصلاحات في نظام المجالس ولوائحه الداخلية أثناء الممارسة!
وكاتب آخر يقول متسائلا وموجها سؤاله إلى سمو وزير البلديات: لماذا تدعونا لانتخابات جديدة؟!
ويقول: إنه لن ينتخب، أي بمعنى آخر, يدعو للمقاطعة ولو بصورة غير مباشرة.. ولأنه معدود من الكتاب المؤثرين في الساحة الصحفية، لهذا سيكون رأيه منارة يهتدي بها كثير من الذين يفضلون الآراء المعلبة..!
وإن كنا نلتقي في كثير مما ذكر هو وغيره إلا أننا نختلف في أن الأوان غير مناسب، والمناسبة غير مواتية لمثل هذه الآراء.
آخر يقول: لماذا أنتخب؟ أو يقرر أنه سينام في ذلك اليوم، ونحن نقول له:
نوم العافية..! والموجودون فيهم البركة!.
وآخرون قاموا بجردة حساب للمجالس البلدية، وإخفاقاتها في عدم التصدي لكثير من المشاكل، وعدد من أوجه القصور في الخدمات البلدية التي تقوم بها البلديات..
أمر غريب فعلا..! بدلا من أن تتماهى كتاباتهم مع حملة الوزارة في الحث على الإقبال على الانتخابات، يكون العكس..؟!
والتغاضي عن كل منجز قام به أي مجلس من المجالس التي عقدت بالمئات.. والنظر إلى نصف الكأس الفارغة..؟!
وما علموا، وهم يعلمون، ولكن يتجاهلون، أن هذه التجربة الرائدة الوليدة لم يمض من عمرها سوى دورة واحدة فقط..؟!
وهذه فترة لا يقاس بها عمر التجارب الحديثة التي يجب أن يمضي عليها سنون، وسنون حتى تكتمل، وطبيعي أن يعتورها شيء من النقص والقصور، وهذا بديهي.. ولكن لابد من تصحيح الأخطاء، وتطوير الأفكار والرؤى وهذا ما دأبت عليه الإدارة العامة للمجالس، منذ بدء التجربة إلى اللحظة الراهنة، فقد قامت الإدارة العامة للمجالس بعقد كثير من ورش العمل في الداخل والخارج، وتنظيم كثير من الفعاليات والندوات لتوعية أعضاء المجالس، وتدريبهم، وصقل تجاربهم، واحتكاكهم بأنماط العمل البلدي في كثير من الدول، علاوة على قيام الإدارة بعمل استطلاعات رأي، واستبانات لنقد التجربة، والاستفادة من الآراء والمقترحات.
وقد أفضى ذلك إلى مسودة لائحة جديدة فيها كثير من التعديلات، وإضافة كثير من الصلاحيات إن تمت الموافقة عليها..
فسوف تحدث نقلة نوعية في عمل أعضاء المجالس البلدية، وتجيب على كثير من تساؤلات الإخوة المتابعين..
برغم ما حصل، فإننا متأكدون بأن منطلقات من كتب، ونقد، وقسى في النقد إلى حد المطالبة بالمقاطعة... متأكدون أن هدفهم هو الوصول إلى المثال والنموذج، وهذا حلمنا جميعا.. ولكن.. مالا يدرك كله، لا يترك كله، ولنأخذ ونطالب..
ونكون يدا واحدة في توعية المواطن بأن صوته واختياره هو أمانة في عنقه يجب أن لا يضعها إلا في محلها الصحيح ولا يصوت إلا لمن يعتقد أنه سيخدمه، ويخدم وطنه بكل كفاءة واقتدار.. هذا هو المطلوب في هذه المرحلة بالذات.
كما يكفينا من خوض هذه التجربة أنها أسست لثقافة جديدة في المجتمع، هي ثقافة الانتخابات، والمشاركة في اتخاذ القرار استشرافاً للوصول إلى الإدارة المحلية الرشيدة.
وختام القول إن القصور موجود نعم، ولكن معالجته تأتي بالنقد الهادف، الموضوعي الذي يضع في الاعتبار العامل الزمني، وحداثة التجربة... وعدم حرق المراحل.
والله الموفق..،
wady-n@hotmail.com