أهداني صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز نسخة من كتابه (من رسائل الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله الدعوية)، وفي البداية قمت بتصفحه واستعراض مواضيعه تمهيداً لقراءته وبالفعل أعطيته من الوقت ما يستحقه من اهتمام فوجدت في ثناياه مادة علمية دسمة تستحق الاسم الذي أطلقه مؤلفه عليه ولا سيما أنها تبرز التأصيل في أعلى درجاته عند ولي أمر المسلمين فالملك سعود هذه القامة الفذة وظفت معطيات الإسلام الفكرية الخالدة وجعلتها نبراساً تستضيء به في رعايتها لأمور المسلمين والمتمثل في رسائله لأبناء الأمة في الداخل والخارج وكل رسالة من رسائله تؤسس لمنهجية وتتعامل مع واقع نتيجة لموقف ما يتطلب ذلك وهذه الرسائل تستمد منهجها من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة التي من خلالهما تلقى تربيته منهما بفضل الله ثم اهتمام والده الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - به فمؤلف هذا الكتاب الأمير فيصل استطاع بثقافته العالية وإلمامه بشخصية جده الملك سعود رحمه الله أن يقدم لأبناء هذه الأمة كنوزاً من المعرفة التي يزخر بها سجل الملك سعود رحمه الله وما قدمه لأمته ويأتي من بينها رسائله التي طرح المؤلف جزءاً منها في ثنايا هذا الكتاب والتي خرج بها بالنتائج التالية:
1 - أن تحري الإخلاص، وقوة الإعداد العلمي والتربوي، الذي هيأه الله تعالى للملك سعود إضافة إلى حرصه رحمه الله على الأخذ بكافة الأسباب والوسائل المشروعة كان من أهم أسباب نجاح هذه الرسائل.
2 - أهمية وسيلة المراسلة، وقوة تأثيرها، وتعدد جوانب الاستفادة منها، حيث استفاد الملك سعود منها في جوانب الدعوة والتعليم، وغير ذلك من الأغراض.
3 - بينت هذه الرسائل جهود الملك سعود رحمه الله في الدعوة إلى الله تعالى، وما حوته هذه الجهود من جوانب دعوية مختلفة، وبخاصة في العقيدة قولية كانت أم فعلية، وكذلك جهوده الدعوية في العبادات بشتى صورها من صلاة، وزكاة وصوم، وحج.
4 - أكد في رسائله رحمه الله على الاهتمام بالكتاب والسنة فهماً، وتطبيقاً، وحكماً، ودعا المسلمين إلى صفاء العقيدة، ونقاء التوحيد، ونبذ الشرك والابتداع بأنواعه.
5 - أن وسيلة المراسلة لم تفقد مكانتها في عصرنا الحاضر، رغم كثرة البدائل من وسائل الاتصال السريعة الموثوقة، بل على العكس من ذلك، فقد ازدادت أهمية هذه الوسيلة، وتضاعفت جوانب استخدامها، حيث أصبحت هي وسيلة الاتصال الرسمية والرئيسية في المعاملات الإدارية والتجارية، بل وفي العلاقات الدولية، وقد استخدمها أعداء الإسلام على نطاق واسع في الدعوة إلى عقائدهم الفاسدة ورصدوا لها الميزانيات والأموال الكثيرة، فأنشأوا مدارس نظامية بالمراسلة، ودورات علمية بالمراسلة، وتمكنوا من تنصير كثير من المسلمين، ويوجد ولله الحمد جهود طيبة من قبل بعض المسلمين، في استخدام هذه الوسيلة، وقد نفع الله بهذه الجهود، ولكنها ما زالت جهوداً محدودة.
6 - أن رسائل الملك سعود الشخصية تكتسب أهمية خاصة، فهي تلقي الضوء على ملامح هامة، وتكشف جوانب عديدة من شخصيته رحمه الله وقد تضمنت إشارات عديدة حول جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين ومنهجه وأساليبه في الدعوة والاحتساب، وطبيعة العوائق التي تعرض لها، وكيف تجاوزها.
7 - أن الدارس لرسائل الملك سعود يخرج بدروس وفوائد دعوية قيمة لا غنى للداعية عنها.
8 - حث الملك سعود في رسائله على تحقيق الوحدة الإيمانية التي هي أساس الوحدة السياسية والاجتماعية والجغرافية، فالمسلمون إخوة لا فرق بين غنيهم وفقيرهم، وأبيضهم وأسودهم إلا بالتقوى، فرباط الإسلام وإخوته أقوى من أي رباط.
9 - تجلية بعض المفاهيم الإسلامية ومحاربة الانحراف في الدين عما أراد الله به من إصلاح النفوس وتصحيح العقيدة وتقويم السلوك وتحقيق مقاصد الشريعة في الخلق.
10 - منهج الملك سعود هو منهج السلف الصالح المبني على الوسطية بين الناس الغالين والجافين، فالقارئ لرسائل الملك سعود يعيش في دوحة علم، بين قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم وجاء عن أبي بكر وورد عن عمر، ووقع لعثمان، ونقل عن علي، ونقول عن كبار التابعين وتابعيهم بإحسان، وأحوال أهل الصلاح والزهد والورع من كبار العلماء والعباد.
11 - رسائل في الغالب تعرض موضوع الإسلام وسماحته والألفة والاجتماع والمحبة والمودة وأهمية التعاضد والتناصح.
وتجدر الإشارة أن الكتاب يقع في 180 صفحة من الحجم المتوسط وسنة طبعه 1432هـ وقد أذن مؤلفه لمن يريد طباعته وتوزيعه مجاناً بدون حذف أو إضافة أو تغيير فله ذلك وجزاه الله خيراً. والله من وراء القصد.
* مكتب التربية العربي لدول الخليج